[تفسير قوله تعالى:(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)]
قال الله عز وجل:{كَلَّا}[المطففين:١٤] : أي: ليست أساطير الأولين.
ولكن هؤلاء {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} : أي: اجتمع عليها وحجبها عن الحق.
{مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} : أي: من الأعمال السيئات؛ لأن الأعمال السيئات تحول بين المرء وبين الهدى، كما قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد:١٧] فمن اهتدى بهدى الله، واتبع ما أمر الله به، وترك ما نَهى الله عنه، وصدَّق بما أخبر الله به وفاءً منه، وذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا شك أن قلبه يستنير، وأنه يرى الحق حقاً، ويرى الباطل باطلاً، ويعظِّم آيات الله عز وجل، ويرى أنها فوق كل كلام، وأن هدي محمد صلى الله عليه وسلم فوق كل هدي، هذا من أنار الله قلبه بالإيمان، أما -والعياذ بالله- من تلطخ قلبه بأرجاس المعاصي وأنجاسها فإنه لا يرى هذه الآيات حقاً بل لا يراها إلا أساطير الأولين كما في هذه الآية.
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ، وفي (بَلْ) سكتة لطيفة عند بعض القراء، وعند آخرين لا سكتة، فيجوز على هذا أن تقول:{كَلَّا بَلْ} ، ويجوز أن تقول:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وهذه لا تغير المعنى، أي: سواء سكت أم لم تسكت فالمعنى لا يتغير.