للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف]

هل صلاة المنفرد خلف الصف جائزة إذا كان فيه فرج عن اليمين أو عن اليسار، أو إذا كان شخصان، بين لنا هذه المسألة، رفع الله قدرك وأحسن إليك؟

هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أن صلاته ناقصة وليست باطلة، سواء كان الصف تاماً أو غير تام، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل، ويؤولون قوله: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) أي: لا صلاة كاملة كما في قوله: (لا صلاة بحضرة طعام) .

والقول الثاني: أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح مطلقاً، سواءً تم الصف الذي قبله أم لا، وهذا هو المشهور عند أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله.

القول الثالث: الوسط، يقول: إن كانت الصفوف تامة فله أن يصلي خلف الصف منفرداً، وإلا فليس له ذلك، ويستدلون لهذا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة، وقالوا في عذره: إذا كان الصف تاماً، أن الله تعالى قال في الكتاب العزيز: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] ، وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صحح صلاة المرأة خلف الصف؛ لأنه ليس لها محلٌ في الصف شرعاً، والذي يجد الصف تاماً ليس له محلٌ في الصف حساً وواقعاً، والتعذر الحسي كالتعذر الشرعي، وهذا الذي قلته أخيراً هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.

قال بعض الناس: يجذب شخصاً من الصف ليكون معه.

وهذا خطأ؛ لأن هذا جناية على المصلي في الصف، وسببٌ لانقطاع الصف، (ومن قطع صفاً قطعه الله) ، وهو أيضاً موجب للتشويش على المجذوب، وموجب لحركة الصف كله؛ لأن الصف سوف يتحرك ليدنو بعضهم من بعض، ففيه جنايات.

وقال بعضهم: يتقدم فيكون مع الإمام.

وهذا خطأ؛ لأن الشريعة تريد أن يكون الإمام وحده منفرداً ليس معه أحد؛ لئلا يظن الرائي أن لهؤلاء الجماعة إمامين.

ثم إذا قلنا: تقدم مع الإمام، إن كان بينه وبين الإمام صفوف أدى ذلك إلى تخطي الرقاب، ثم إذا تقدم مع الإمام وجاء آخر ولم يجد مكاناً قلنا: تقدم، ربما يكمل الصف مع الإمام، لكن لو بقي هذا يصلي وحده خلف الصف وجاء آخر صاروا صفاً.

على كل حال القول الراجح بلا شك: أنه إذا كان الصف تاماً فيصلي وحده مع الجماعة منفرداً.