[تفسير قوله تعالى: (له ملك السماوات والأرض)]
آخر آية قرأناها هي قول الله تبارك تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد:٥] (له) أي: لله تعالى وحده, (مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) خلقاً وتدبيراً, فلا يملك السماوات والأرض أحد إلا الله عز وجل, لا استقلالاً ولا مشاركة, قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} [سبأ:٢٢] فنفى الاستقلال ونفى المشاركة: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ:٢٢] أي: ما لله منهم، (من ظهير) أي: من مساعد ساعده على خلق السماوات والأرض, فله ملك السماوات والأرض, نعلم أن عددها سبع، قال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المؤمنون:٨٦] الأرضين عددها سبع, كما جاء ذلك ظاهراً في القرآن وصريحاً في السنة, قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:١٢] أي: في العدد, وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين) .
قال تعالى: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الحديد:٥] كل الأمور، أي: الشئون العامة والخاصة, الدينية والدنيوية والأخروية, كلها ترجع إلى الله عز وجل, يتصرف بما شاء ويحكم بما شاء, ولا معقب لحكمه عز وجل, هل أمور الإنسان الخاصة ترجع إلى الله؟
نعم.
ترجع إلى الله, ولذلك يجب عليك إذا ألمت بك ملمة أن ترجع إلى الله عز وجل, لأن المشركين -وهم المشركون- إذا ألمت بهم الملمات التي يعجزون عنها يلجئون إلى الله عز وجل, إذا عصفت بهم الرياح في البحار وهم على السفن لمن يلجئون؟ إلى الله عز وجل, يسألونه أن ينجيهم وهم مشركون, فكيف بك أنت أيها المسلم؟! الجأ إلى الله في كل شيء, صغير أو كبير, ديني أو دنيوي, خاصة بك أو بأهلك, لا تلجأ إلى غير الله, فمن أنزل حاجته بالله قضيت, ومن أنزل حاجته بغير الله وكل إليه.
إذاً: نقول: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الحديد:٥] أَيّ أمور؟ كل الأمور, الأمور العامة, الأمور الدينية والدنيوية والأخروية, والخاصة والعامة, وإذا آمنت بهذا ويجب أن تؤمن به صرت لا تلجأ إلا إلى الله عز وجل.