قال الله تعالى:{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن:٣١-٣٢] هذه الجملة المقصود بها الوعيد، كما يقول القائل لمن يتوعده: سأتفرغ لك، أي: سأتفرغ لك وأجازيك، وليس المعنى: أن الله تعالى يشغله شأنٌ عن شأن، ثم يفرغ من هذا ويأتي لهذا، الله سبحانه وتعالى يدبر كل شيء في آنٍ واحد، في مشارق الأرض ومغاربها، وفي السماوات وفي كل مكان، يدبره في آنٍ واحد، ولا يعجزه، فلا تتوهمن أن قوله:(سنفرغ) أنه الآن مشغول وسيفرغ، لا.
هذه جملة وعيدية تعبر بها العرب، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب، وفي قوله:(سنفرغ لكم) من التعظيم ما هو ظاهر، إذ أنه أتى بضمير الجمع (سنفرغ) تعظيماً لنفسه جل وعلا، وإلا فهو واحد، وقوله:(أيها الثقلان) أي: الجن والإنس، وإنما وجه هذا الوعيد إليهما؛ لأنهما -أي: الثقلان- مناط التكليف، (فبأي آلاء ربكما تكذبان) سبق الكلام على تفسيرها فلا حاجة للتكرار.