للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم)]

قال الله تعالى مبيناً قدرته على ذلك: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} [ق:٤] الأرض تأكل الإنسان إذا مات، فالله تعالى يعلم ما تنقص الأرض منه، من أجزاء بدنه، ذرةً بعد ذرة، ولو أكلته الأرض.

وقوله: {مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} قد يفيد أنها لا تأكل كل الجسم، وفي ذلك تفصيل.

أما الأنبياء فإن الأرض لا تأكلهم ما داموا في قبورهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) .

وأما غيرهم فقد يبقى الجسم مدة طويلة لا تأكله الأرض إلى ما شاء الله، وقد تأكله الأرض؛ لكن إذا أكلته الأرض فإنه يبقى عَجْبُ الذَّنَب، وعَجْبُ الذَّنْب: هو عبارة عن جزء يسير من العظم في أسفل الظهر، هذا يبقى بإذن الله، لا تأكله الأرض، كأنه يكون نواة للجسم عند بعثه يوم القيامة، فإن منه يُخْلَق الآدمي في قبره، فإذا تَمَّ، نُفِخ في الصور، ثُمَّ قاموا من قبورهم لله عز وجل.

{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ} وإذا كان الله تعالى عالماً بما نقصت الأرض فهو قادر على أن يرد هذا الذي نقصته الأرض عند البعث.

{وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق:٤] عند الله تعالى كتاب حفيظ، أي: حافظ لكل شيء، قال الله تعالى: {كَلَاّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:٩-١٢] .