ما هو الضابط لمن يُحَجُّ عنه، خاصة أننا نجد كثيراً من المحسنين يخصص جزءاً من ماله لبعض الناس لكي يحج به، وبعضهم يصادف أن يكون عليه دين فهل لآخذ المال أن يسدد الدين من هذا المال، أم يجب عليه أن يحج به كله؟
أما الإنسان الذي يُحَجُّ عنه، فإن السنة إنما جاءت في حج الفريضة فيمن لا يستطيع أن يحج بنفسه، ولم تأت في حج النافلة أبداً، غاية ما هنالك ما جاء في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة.
فقال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي.
قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا.
قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) .
قد يتمسك بعض الناس بهذا الحديث فيقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأله: هل حجه عن شبرمة فريضة أم نافلة؟ فيقال: الحج محتمل، لكن قوله:(حج عن نفسك ثم عن شبرمة) يدل على أن هذا الحج فريضة، فالاستنابة بالفريضة عند العجز جاءت بها السنة، والاستنابة في النافلة لم ترد بها السنة إطلاقاً، لكن بعض العلماء قاسها على الفريضة.
ثم إن بعض العلماء توسع في هذا وقال: يجوز للقادر أن يوكل من يحج عنه نفلاً، أما الفرض فإنه لا يجوز، أما أنا فلا أحب أن يتوسع الناس في هذا، نقول: من عنده فضل مال يريد أن يعطيه لمن يحج عنه، فليعطه لمن يحج فريضة، وتكون أنت قد ساعدت شخصاً في أداء فريضة فيكتب لك مثل أجره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من جهز غازياً فقد غزا) .
وكذلك من جهز حاجاً فإنه يرجى أن يكون كالذي جهز غازياً، أي: يكتب له أجر الحج، هذا أفضل من أن نقول: خذ هذه الدراهم حج عني وأنت قادر على أن تحج بنفسك، أرأيت لو قلت لإنسان: أنا اليوم متعب فقد أديت الفريضة في صلاة الظهر ولا أستطيع أداء النافلة، فخذ هذه الدراهم وصل عني الراتبة؟! فلا شك أن هذا لا يجزئ، فلذلك ينبغي ألا نتوسع في هذه المسألة، وإنما نقول لمن كان عنده فضل مال: الأفضل أن تعين من يحج أو يعتمر ثم يكون لك أجر إن شاء الله تعالى.
وأما من أخذ للحج وعليه دين وقضى به شيئاً من دينه فلا بأس إذا أدى الحج على الوجه الذي ينبغي.