فضيلة الشيخ! بخصوص الأضحية هناك إعلانات لـ هيئة الإغاثة الإسلامية: من الذي يريد أن يضحي يعطيهم دراهم وهم يضحون عنه في بلاد أفريقيا أو آسيا هل يجوز هذا؟
أنا لا أرى هذا، وأرى أنه ينبغي للإنسان أن يعمل المشروع في أضحيته، فيضحي في بلده وبين أهله إظهاراً لهذه الشعيرة العظيمة التي رتبها النبي صلى الله عليه وسلم أحسن ترتيب، فجعلها من جنس معين، وفي سن معين، وفي وقت معين، وفي وصف معين، وجعل لها حرمات، فمن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي، وعناية الشرع بها يدل على أنها مهمة جداً.
ثم إن الإنسان إذا وكل من يذبحها فمن الذي يتولى الذبح؟ قد يكون فاسقاً أو ملحداً أو لا يصلي، أو ما أشبه ذلك، لا ندري، ثم إنه إذا وكل فاته ذكر اسم الله عليها، وقد قال الله تعالى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[الحج:٣٤] .
ثم إذا وكل من يذبحها أيضاً هناك فوت السنة في مباشرة الذبح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذبح أضحيته بيده.
ثم إذا وكل أيضاً فهل الوكيل سيقول: باسم الله والله أكبر اللهم تقبل من فلان ومن آل فلان، الغالب أنه لا يقول هذا، الغالب أن يذبح ويمشي هذا إن سمى الله، ثم إنه إن وكل أن تذبح له هناك فاته تنفيذ أمر الله عز وجل في الأكل منها، فإن الله تعالى قال:{فَكُلُوا مِنْهَا}[الحج:٢٨] وبدأ بالأكل {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:٢٨] ثم إنه إذا وكل على أضحيته هناك فقد تموت هذه الشعيرة في بلاد الإسلام، لنفرض مثلاً: أن هؤلاء عشرة بيوت كلهم وكلوا، أصبحت كل هذه المنطقة لم تُقم فيها شعيرة الأضحية، مع أنه أمرٌ مهم قرنه الله تعالى بالصلاة، فقال:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:٢] .
فصرف الأضحية إلى أماكن أخرى لا شك أنه خطأ مخالف للسنة، والإنسان إذا أراد أن ينفع إخوانه هناك فليضح هنا ويتصدق عليهم بما شاء.
لكن هنا ننبه إلى ما يفعله بعض الناس في الإسراف في الأضحية، تجد بيتاً واحداً يضحى فيه عشر ضحايا مثلاً، الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته، ثم يأتي الابن ويقول: سأضحي عن نفسي أو عن جدي أو عن أمي الميتة، وكذلك البنت، وهكذا ربما يجتمع في البيت عشر ضحايا، وهذا مخالف للسنة أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكرم الخلق بلا شك وأحب الخلق إلى فعل ما يقرب إلى الله عز وجل ومع ذلك لم يضح عنه وعن أهل بيته إلا بواحدة، مع أن أهل بيته تسع نساء، فلذلك نقول: بدلاً من أن كل واحد يضحي، يضحي قيم البيت بواحدة عنه وعن أهل بيته، وما عندهم من فضل المال يصرفونه لإخوانهم الفقراء في بلاد الله عز وجل في البوسنة والهرسك وفي أفريقيا وفي غيرها.