للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ثم لتسألن يومئذٍ عن النعيم)

قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:٨] يعني: ثم في ذلك الموقف العظيم تسألن عن النعيم، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:٨] هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر؟ والصواب: أن المراد به المؤمن والكافر، كلٌ يسأل عن النعيم، لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يسأل سؤال تذكير، والدليل على أنه عام: ما جرى في (قصة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر حيث خرجوا ذات يوم من الجوع، فذهبوا إلى بستان رجلٍ يقال له أبو الهيثم بن التيهان فاستأذنوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم -وكانت امرأته وراء الباب- فردت عليهم السلام وفدت بالأم والأب، فسألوا عن زوجها فقالت: إنه ذهب يستعذب الماء أي: يأتي بالماء العذب الطيب، فجلسوا ثم جاء الرجل ففرح بهم فرحاً عظيماً، وقال: إنه لا أحد أكرم أضيافاً مني اليوم، ثم قطع لهم عذقاً من النخل وأتى به وألقاه بين أيديهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا جنيت.

يعني: خرفت، وتعلمون أن الخراف أن يأخذ الإنسان الرطب فقط، فقال: أردت يا رسول الله أن يكون بين أيديكم البسر والرطب والمذنب -لأن العذق يشمل كل الثلاثة- فأكلوا ثم دعوا بالماء فشربوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء طيب، وطعام طيب، وظل طيب، لتسألن يومئذٍ عن النعيم) وهذا دليل على أن الذي يسأل المؤمن والكافر، لكن يختلف السؤال، سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عز جل عليه، حتى يفرح ويعلم أن الذي أنعم عليه في الدنيا أكرم من أن ينعم عليه بالآخرة، بمعنى: أنه إذا تكرم عليه في الدنيا تكرم عليهم بنعمته في الآخرة، أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنبيه.

نسأل الله تعالى أن يستعملنا وإياكم في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا عوناً على طاعته، إنه على كل شيء قدير.