قال تعالى:{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ}[الذاريات:٢٦](راغ) انسل بخفية وسرعة، وذلك لحسن ضيافته، لم يقل: انتظروا آتي لكم بالطعام، ولم يقم متباطئاً كأنما يدفع دفعاً، إنما قام بسرعة منسلاً لئلا يقوموا إذا رأوه ذهب إلى أهله، فكأنه أخفى الأمر عنهم، (إلى أهله) أي: أهل بيته، {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}[الذاريات:٢٦] وفي آية أخرى: {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}[هود:٦٩] أي: مشوي.
واللحم إذا شوي يكون أطعم وألذ؛ لأن طعمه يبقى فيه، لا يمتزج بالماء، بخلاف إذا ما طبخ، إذا طبخ يمتزج طعمه بالماء فتقل لذاذته، لكن إذا كان مشوياً صار أطيب وأحسن {بِعِجْلٍ سَمِينٍ}[الذاريات:٢٦] أي: إنه عليه الصلاة والسلام لا يتخير للضيوف البهائم العجفاء الهزيلة، وإنما يتخير لهم البهائم السمينة؛ لأنها ألذ وأطرى وأنفع، واختيار العجل: إما أن يكون عليه الصلاة والسلام من عادته أن يكرم الناس بهذا، أو أنه يكرم الضيوف بحسب ما تقتضيه الحال، فإذا كانوا كثيرين أتى بالعجل، وإذا كانوا أقل أتى بالغنم، وما أشبه ذلك، حسب عادة الكرماء.