فضيلة الشيخ! سمعت أنه لا يجوز لجنازة المرأة أن يدخلها القبر من جامع أهله في تلك الليلة، فهل هذا مخصوص ببنات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم بالعامة؟
العلماء فيما أعلم لم يقل أحد منهم: إن المرأة يحرم أن يدخلها في قبرها من جامع تلك الليلة، لكنهم قالوا: من بعد عهده بالجماع فهو أولى، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال وهو يدفن إحدى بناته:(أيكم لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا فنزل) على أن العلماء مختلفون في قوله: (لم يقارف) هل معناه: لم يقارف إثماً، أي: لم يتفقوا على أن المراد به الجماع، فإذا نزل الإنسان إلى قبر امرأة وهو يعرف كيفية الدفن ولو كان قد جامع في تلك الليلة فلا بأس ولا حرج، لكن الأولى أن يكون الإنسان الذي ينزل في قبرها لم يجامع في تلك الليلة.
ثم إنه لا ينبغي أن ندعي التخصيص في حكمٍ من الأحكام لشخص معين إلا بدليل، لا يمكن أن نقول: إن هذا من خصائص بنات الرسول إلا بدليل، بل ولا يمكن أن نقول: هذا من خصائص الرسول إلا بدليل.
والدليل على هذا: أن الله تعالى لما أراد أن يخصص الحكم بنبيه عليه الصلاة والسلام، قال:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب:٥٠] ، وقال لما أحل له زينب بنت جحش وهي زوجة ابنه الذي كان قد تبناه وهو زيد بن حارثة قال الله تعالى بعد أن أحلها:{لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}[الأحزاب:٣٧] فدلت هذه الآية على أن ما ثبت للرسول ثبت لغيره من الأمة إلا بدليل، فلا تستعجل الأمور في قولك: هذا خاص بكذا، ليس هناك شيء فيه خصوصية إلا بدليل.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن بعض الناس يظنون أنه لا ينزل المرأة في قبرها إلا من كان من محارمها، وهذا غير صحيح، ينزلها من كان أعرف بطريقة الدفن سواء كان من محارمها أو من غير محارمها.