إذا انتقض وضوء الطائف فإن الواجب عليه أن يخرج من الطواف ويتوضأ ثم يعود ويستأنف الطواف من جديد، هذا ما عليه جمهور العلماء؛ لأن من شرط الطواف الطهارة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا انتقض الوضوء وهو يطوف فإنه يستمر في طوافه ولا يلزمه الوضوء؛ لأن الطواف ليس من شرطه الوضوء، وما قاله شيخ الإسلام رحمه الله هو الصحيح؛ لأنه ليس هناك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن الطواف تشترط له الطهارة، غاية ما فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام حين أراد أن يطوف توضأ ثم طاف، وهذا فعل والفعل لا يدل على الوجوب، كذلك أيضاً في حديث عائشة لما حاضت قال:(افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) وهذا لأنها حائض، والحيض يلوث المسجد في الغالب، وأيضاً الحائض لا تمكث في المسجد، وكذلك الجنب لا يمكث في المسجد، ومثله أيضاً حديث صفية أنها حاضت بعد الحج فقال:(أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: فانفروا) فهو دليل على أنه لو كانت حائضاً ما طافت، فيقال: الحيض غير الحدث الأصغر، لو كان الطهارة واجبة في الطواف لكان الرسول بينها للناس، لأن كثيراً من الناس قد لا يكونوا متوضئين، فالأصل عدم الوجوب، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام وهو الصحيح وهو الذي نفتي به، لكنه لا شك أن كون الإنسان يطوف على طهارة أفضل وأحوط وأبرأ للذمة، لكن أحياناً يقع شيء لا يستطيع الإنسان -يشق عليه مثل أيام الزحام البالغ- أن يتوضأ إذا أحدث في الطواف، لو قلنا: اذهب وتوضأ، ذهب وتوضأ ثم رجع ماذا يصنع؟ يستأنف أو يبني على ما قد سبق؟ مداخلة: يستأنف.
الشيخ: طيب استأنف، في أثناء الطواف أيضاً أحدث، لأن في بطنه غازات مثلاً نقول: اذهب وتوضأ ثم ارجع وابتدأ الطواف؟ قلنا: نعم يفعل، ذهب وجاء ورجع ثم أحدث، وإلى متى؟ لأن الوضوء في أيام الزحمة شاق جداً، أولاً: متى يتهيأ للإنسان أن يخرج؟ ثم إذا خرج متى يجد مكان الوضوء خالياً؟ ثم إذا توضأ ورجع متى يحصل له أن يدخل؟ فكونه موجباً على عباد الله شيئاً ليس فيه دليل واضح من الكتاب والسنة مع هذه المشقة العظيمة، الحقيقة أنه يجد الإنسان نفسه غير مرتاحٍ أن يوجب على عباد الله مثل هذا الشيء بدون دليل واضح، نعم لو كان الأمر سهلاً مثل أيام غير المواسم يخرج ويتوضأ ويرجع ويعيد الطواف هذا أمر سهل، نقول: الأحوط أنك تفعل هذا.
على كل حال: الذي نرى ما رآه شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يشترط الوضوء للطواف.