[حكم طواف الوداع قبل انتهاء الرمي، وحكم التوكيل في الرمي]
مجموعة من الناس رجال ونساء يحجون، فإذا جاء اليوم الثاني عشر ينزلون بنسائهم صباحاً إلى الكعبة ليطفن طواف الوداع، ثم يرجعونهن إلى خيامهم في منى، ويرمون عنهن وعن أنفسهم، ثم ينزل الرجال للمرة الثانية إلى الكعبة ليطوفوا طواف الوداع، ثم يرجعون إلى أهليهم، فهل هذا العمل صحيح بحق نسائهم؟ مع العلم بأنهم يفعلون ذلك أثناء الزحام فقط، وهل عليهم دم أم لا؟ مع العلم بأن النساء لسن مريضات.
طواف الوداع لا يجوز إلا بعد انتهاء النسك تماماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) وإذا طاف الوداع ثم عاد فرمى فقد جعل آخر عهده بالرمي، فمن طاف قبل انتهاء النسك فطوافه في غير محله، وإذا لم يعده بعد انتهاء النسك فعليه دم، يذبحونه في مكة ويوزعونه على الفقراء، فصار الآن على كل واحد من هؤلاء -رجالاً ونساءً- دم لطواف الوداع؛ لأنه وقع في غير محله.
وأما بالنسبة للرمي، فإذا كانوا متعجلين وكان الزحام شديداً فأرى أن النساء يوكلن حتى ولو كن نشيطات؛ لأنه زحام شديد، والمرأة -مهما كان- ضعيفة، وأما إذا كان عادياً غير شديد فإنهن لا يوكلن، فينظر في الأمر، فإذا كن وكلن مع قدرتهن في نفس الوقت على الرمي بأنفسهن؛ فهذا التوكيل غير صحيح، وعلى كل واحدة منهن دم، وأما إذا كان هناك حالة زحامٍ شديد؛ فإنه لا بأس أن يوكلن.
وهنا أنبه على هذه المسألة وهي مسألة الرمي، فإن كثيراً من الحجاج يتهاون بها ويوكل مع قدرته، وهذا لا يصح منه؛ لأن رمي الجمرات من جملة النسك، وقد قال الله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه}[البقرة:١٩٦] فكما أنك لا تقول للإنسان: اذهب وطف عني طواف الوداع، أو اذهب فطف عني طواف الإفاضة، أو اذهب فبت عني في مزدلفة، أو اذهب فقف عني في عرفة، فهكذا أيضاً لا يجوز أن توكل شخصاً فتقول له: ارم عني، اللهم إلا إذا كان غير قادر نهائياً، كمريض، وكبير، وامرأة حامل، وصبي لا يستطيع المزاحمة، وما أشبه ذلك.