فضيلة الشيخ: أشكلت علينا مسألة وهي: هل صاحب الكبيرة من أمة محمد كالذي يقتل نفسه يخلد في النار؟
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن (من قتل نفسه بحديدة أو سم فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً) نسأل الله العافية، وهذا قاله على سبيل الزجر؛ لأن قتله نفسه أعظم قتلٍ يكون، إذ أن الإنسان يجب عليه أن يدافع عن نفسه أكثر مما يدافع عن غيره، فكيف إذا انتهك حرمتها هو بنفسه؟!! فإنه يكون أشد إثماً، ويكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم:(خالداً مخلداً) المبالغة في زجره، وهي تشبه قول الله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}[النساء:٩٣] .
ومن هنا يتبين أن ما يفعله الانتحاريون في بعض الجهات من كونه يلبس أشياء مهلكة قنابل أو غيرها، ويكون هو أول من يموت بها يدخل في هذا الوعيد، وأنهم آثمون ومخطئون خطأً عظيماً، لكن نظراً لكونهم جهالاً وكونهم متأولين نرجو ألا يشملهم هذا الوعيد، إنما يجب علينا أن نبين للناس أن هذا عملٌ غير صالح بل هو محرم.
والعجب أن بعض الناس يستدل على هذا الأمر المحرم الذي هو من كبائر الذنوب بحديث البراء بن مالك -رضي الله عنه- حينما حاصروا حديقة مسيلمة الكذاب، وكان الباب مغلقاً، فطلب من أصحابه أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم، ففعلوا، ففتح لهم ودخلوا الحديقة.
استدل بهذه القصة على جواز الانتحار، فهل في هذا دليل؟ ليس فيه دليل؛ لأن البراء بن مالك بقي حياً، وهذا الذي ينتحر يكون ميتاً مائة بالمائة، أما البراء بن مالك فهو لم يقتل نفسه، صحيحٌ أنه خاطر لكن هناك احتمال ألا يقتل، وهذا هو الواقع لم يقتل.
ونظير قصة البراء بن مالك أن يدخل أحدٌ بشجاعة بين صفوف الكفار ويقتل ما على يمينه وشماله لكن هناك احتمال أن ينجو، أما المنتحر فإنه لا احتمال لنجاته، ولهذا يجب علينا ألا نشجع هذا بل نحذر منه.