للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم إيراد السائل على العالم شبهات في العقيدة لأجل التعلم]

هل يجوز للسائل إذا سأل العالم أن يورد عليه بعض الشبهات في العقيدة لأجل أن يعرف جوابها والردود عليها؟ الشيخ: سؤال مهم.

مثلاً إنسان قال: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش, فسأله فقال: استوى على العرش أي: علا عليه عز وجل علواً يليق بجلاله وعظمته, اقتنع أن معنى: استوى على العرش يعني: علا على العرش، ما هناك أي إشكال، لكنه أراد أن يورد الشبهات على الذي أفتاه خوفاً من أن أحداً من الناس يورد عليه هذه الشبهات فلا يعرف جوابها، أفهمتم؟ هذا صحيح، هذا طيب وجيد.

فمثلاً: لو قال له: استوى على العرش، فجاء إنسان وقال: لا، استوى على العرش، أي: استولى على العرش؛ لأن الاستواء على الشيء لا يكون إلا لجسم أو لكذا وأتى بشبهات؛ فهذا طيب، لأجل تقول لنا: استوى استواء يليق بجلاله، لست أقول: استوى على العرش كما يستوي الإنسان على السرير أو على الدابة, استواءً يليق بجلاله وانتهى وإذا أورد عليه شبهات أقول: هذه الشبهات مردودة عليه؛ لأن هذه الشبهات إنما تكون لو قلنا: بأن استواء الله على العرش كاستواء الإنسان على السرير أو على البعير أو على الفلك, أما إذا قلنا: استواء يليق بجلاله عز وجل, فهذا لا إشكال فيه, وهذا طيب.

أنا أيضاً أنصح كل طالب علم ليس عنده مادة قوية يستطيع أن يجادل بها: أن يورد ما يمكن من الشبهات على من هو أعلم منه من أجل أن يجيب عليه, ثم إني أيضاً أنصح العالم الذي عنده علم إذا أوردت عليه مثل هذه الشبهات -لأن بعض العلماء ربما إذا أورد عليه هذه الشبهات ربما يظن أن هذا السائل يريد أن يجادله, أنا أنصح أيضاً العلماء- أن تتسع صدورهم, ربما يكون هذا الذي أورد الشبهات أنها شبهات قد أوردت عليه من قبل فيريد أن يحلها، أو يخشى أن تورد عليك في المستقبل فيريد أن يعرف جوابها.

فالحاصل: أن هذا سؤال مهم وجيد, وأنا أوافق على أنه ينبغي أن نورد كل ما يمكن أن يكون شبهة سواء كانت وردت عليه من قبل أو يخشى عليه أن تورد في المستقبل.

وقد قال الإمام مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم, والكيف مجهول, والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) وهذا هو الحق.

مداخلة: لماذا لا يجيب على الكيف؟ الشيخ: قال: الكيف مجهول.

الاستواء معروف: هو العلو على الشيء بصفة مخصوصة, هذه الصفة التي هي الكيفية هل هي معلومة؟ لا, إذاً لا يجوز أن نتكلم فيها أو نتحدث, ولا يجوز أن نقيسها على استوائنا نحن على البعير أو على السرير أو على الفلك, والله قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف:١٢-١٣] , لو قال لك قائل مثلاً: شخص استوى على بعير, يتحدث ويقول: ثم إن فلاناً أناخ بعيره واستوى عليها, وأنت لا تعلم كيف استوى, هل يمكن أن تصف كيفية استوائه على بعيره وأنت ما رأيته؟ السائل: إذا سمعت عنه.

الشيخ: أنا قلت لك: في الشارع الآن بعير باركة استوى عليها صاحبها مثلما قال الله عز وجل: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف:١٢-١٣] استوى عليها صاحبها ومشى، هل تستطيع أن تصف كيفية استوائه عليها وأنت ما رأيته؟ السائل: لا.

الشيخ: لا، إذا كنا نجهل كيفية استواء المخلوق على البعير وهو من جنسنا لكنه غائب عنا فكيف لا نجهل كيفية استواء الخالق عز وجل؟!! ولذلك كيفية الاستواء مجهولة, وهذا جواب سديد.