الرد على من يحتج بقوله تعالى:(قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول) على عدم العذر بالجهل
فضيلة الشيخ! بعض الناس يحتج بقول الله سبحانه وتعالى:{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ}[هود:٩١] في عدم العذر بالجهل, فهل لهم حجة في هذه الآية؟
يجب أن تعلم أن القاعدة الشرعية الإيمانية أن الإنسان يحمل المتشابه من النصوص على المحكم منها, والنصوص المحكمة كلها تدل على أن الإنسان معذور بالجهل, {وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء:١٥] ، وقال تعالى:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء:١٦٥] ، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}[التوبة:١١٥] والآيات في هذا كثيرة, ولو نعذر بالجهل ما احتجنا إلى الرسل.
وهذه الآية التي قلت:(مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) لم يقولوا: ما نفقه ما تقول, قالوا:(كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) , ثم هم قد يكونوا صادقين في قولهم:(ما نفقه) وقد يكونون كاذبين، لكنهم معاندين, فالآية الآن: ليس فيها دليل على أنهم لا يفقهون كل ما يقول, بل لا يفقهون كثيراً مما يقول.
والثاني: أنهم يكونون معاندين وليسوا صادقين في قولهم: (ما نفقه) ، وعلى هذا فلا يجوز أن يعارض الآيات الصريحة بمثل هذه الآية المحتملة.
السائل: لقد جاءت الرسل ولا يوجد رسول آخر بعد ذلك، فنحن مكلفون فقط -أي: نسمعهم الآية- فإذا سمعوا الآية قامت الحجة عليهم الجواب: أرأيت لو قرأت القرآن كله من أوله إلى آخره عند رجل لا يعرف العربية أيفهم؟ لا.
ولهذا قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم:٤] .