بالنسبة للحاج المكي قلتم: بأنه في منى لا يقصر ولكن في مزدلفة وعرفة فإنه يقصر، ما التعليق على ذلك؟
أما بالنسبة للمكي إذا حج فإن العلماء الذين يقدرون السفر بالمسافة لا يرون له جمعاً ولا قصراً كالإمام أحمد والشافعي؛ ولهذا لا يجوزون للحاج المكي أن يقصر أو يجمع حتى فيما سبق من الزمن، لكن القول الراجح: أن السفر لا يتقيد بالمسافة وإنما يتقيد بالعرف والتأهب له، فما تأهب له وشدوا الرحل إليه فهو سفر، وعلى هذا القول فإنه يجوز للمكي أن يقصر ويجمع إذا حج، ويدل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم حج معه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ويقول: أتموا يا أهل مكة! فإنا قوم سفر وعلى هذا فنقول: إن مذهب الإمام أحمد على المشهور عنه والشافعي: أن المكيين لا يجمعون ولا يقصرون لا في منى ولا في عرفة ولا في مزدلفة.
وأما عن القول الثاني الذي رجحناه: فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر، أما إذا كان في منى فكما تعلمون أن منى في الوقت الحاضر صارت كأنها حيٌ من أحياء مكة، لهذا نرى أن الاحتياط ألا يجمع ولا يقصر في منى، مع أنه لا جمع في منى حتى لغير المكيين، إذ أن من السنة فيها لغير المكيين القصر بدون جمع، أما في مزدلفة وعرفة فهي منفصلة كما قلت لك أولاً منفصلة عن مكة يعني: لم تتصل بها، حسب ما رأيت أنه لم يتصل البناء، وعلى كل حال لو فرض أن مكة كبرت في المستقبل وصارت المزدلفة منها مثل منى فالحكم واحد.