ما رأيك إذا قلت أن ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات أو غير موكل، ما الفائدة من هذا؟!! هل سأل الصحابة عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، هم أحرص منا على العلم، والرسول أقدر منا على الإجابة، ومع ذلك ما سألوا، إنما قال الله عز وجل:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[السجدة:١١] موكل بقبض أرواح بني آدم، أما غير أرواح بني آدم لم يثبت، الله أعلم.
ولكننا أهم شيء في جواب هذا السؤال أن الإنسان لا يتنطع، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(هلك المتنطعون) فلا تسأل عن شيء ليس فيه فائدة، والله لو كانت فيه فائدة بعلمنا أن ملك الموت يقبض أرواح الحيوانات الأخرى لبينها الله سبحانه وتعالى إما في القرآن أو السنة، أو أن الله يقيض من يسأل الرسول عن هذا، ولهذا كان الصحابة يفرحون أن يأتي أعرابي من البادية يسأل عن شيء ربما يستحون أن يسألوا الرسول عنه، الحاصل يا أخي أنت ومن يسمع أقول: إن التعمق في هذه الأمور خطأ؛ لأن الرسول قال:(هلك المتنطعون) ما قالها مرة: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) ثلاث مرات، في مثل هذه الأمور الغيبية خذ ما ثبت ودع ما لم يذكر.
وهذا كما يقول في مثل هذه الأمور يكون فيما يتعلق بصفات الله أو أعظم، وأولى ألا نتكلم فيها، خلافاً لبعض الطلبة الذين يقولون: إنا نريد أن نحرر مسائل العقيدة، فيسألون عن أشياء في العقيدة لم يسأل عنها الصحابة ولا بينت في الكتاب والسنة، وهذا أيضاً مما يجب الحذر منه، ولعلكم تعلمون ما جرى لـ مالك رضي الله عنه حين سأله السائل، وقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] كيف استوى؟ ماذا صنع مالك؟ مالك أطرق برأسه، عجز أن يقيم رأسه من شدة ما وقع عليه، وقام يتصبب عرقاً، ثم رفع رأسه، وقال: يا هذا! الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهو إمام من الأئمة، فعلينا يا إخواني! أن نأخذ من مسائل الغيب ما ثبت عندنا، والباقي نسكت عنه، لو كلفنا به أو كان لنا مصلحة في معرفته لبينه الله، قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل:٤٤] فالرسول ما ترك شيئاً نحتاجه إلا بينه.