[شروط السفر إلى الخارج]
فضيلة الشيخ! مما ابتلي به بعض الشباب -هداهم الله- السفر إلى الخارج بزوجاتهم، سواء بعد الزواج أو في الإجازات، فنريد من فضيلتكم التكرم بالإجابة على هذه الأسئلة لعل الله أن ينفع بها من أراد لأهله ولنفسه الخير والسلام من الآثام والفتن: أولاً: إذا كان الأب أو الأم يعلمان أنهما لو حلفا على ابنهما أو ابنتهما أو أخرجاه عندما سافر إلى الخارج، فهل يجوز لهما أن يحلفا عليه أم لا؟ وما نصيحتكم للآباء الذين يعلمون أن أبناءهم أو بناتهم سيسافرون إلى الخارج بعد الزواج ولا يمنعونهم بحجة: أن إثم الولد عليه، وأن البنت ملك زوجها وهو المسئول عنها بعد الزواج؟
من المعلوم أن السفر إلى الخارج -وتقصد بالخارج فيما أظن دول الكفر- الأصل فيه التحريم، فلا يجوز إلا بشروطٍ ثلاثة: الشرط الأول: أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات التي تورد هناك؛ لأن هناك كفاراً يوردون الشبهات فيما يتعلق بالله عز وجل، وفيما يتعلق بالرسول محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفيما يتعلق بالقرآن، فلا بد أن يكون عند الإنسان علم يدفع به هذه الشبهات.
الشرط الثاني: أن يكون لديه عبادة تمنعه من الشهوات، أي: أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات؛ لأن الشهوات هناك بابها مفتوح: خمر، زنا، لواط، كل شيء الإنسان حر فيه، وأقول: حر باعتبار المفهوم الحاضر، أما الحرية التامة فهي التعبد لله عز وجل؛ لأن من لم يتعبد لله تعبد للهوى والشيطان، وفي هذا يقول ابن القيم:
هربوا من الرق الذي خلقوا له فبلوا برق النفس والشيطان
ما هو الرق الذي خلقنا له؟ الرق لله عز وجل والعبودية له، وبلوا برق النفس والشيطان {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف:٥٣] والشيطان يأمركم بالفحشاء.
الشرط الثالث: الحاجة الملحة إلى السفر، بأن يكون الإنسان مسافراً لأمرٍ لا يجده في بلاده، والحاجة تدعو إليه.
وما سوى ذلك الأصل فيه التحريم، وإنما قلنا: الأصل فيه التحريم؛ لأنه يتضمن: أولاً: إنفاق مالٍ كثير.
ثانياً: الخطورة على الدين، الخطورة على العقيدة.
ثالثاً: الخطورة على الأخلاق.
رابعاً: الخطورة على العادات، فإن بعض الناس يتلقف هذه العادات ويأتي بها إلى بلده يتشبه بهم زعماً منه أن هذا هو الرقي والتقدم، والمشابهة في العادات يؤدي إلى المشابهة في العقائد والعبادات، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) .
إذا كان كذلك، وكان هذا الابن الذي تزوج جديداً يريد أن يسافر مع زوجته فيما يقال له: (شهر العسل!!) ويخشى عليه من هذه الخطورات والأب يستطيع أن يمنعه بالإقسام عليه فليقسم عليه وليمنعه، وله الحق في هذا؛ لأنه المسئول عنه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦] (وأهليكم) وهذا يعتبر من أهله ما دام أنه يطيعه فيما يقول.
أما إذا دعت الحاجة وتمت الشروط الثلاثة التي قلتها لك فله أن يسافر بزوجته وهو أمينٌ عليها، وسفره بها أولى من جهة أنه يحصن فرجه، ويأمن على أهله، ويريح أهله لا سيما في أول الزواج.