[بيان معرفة أيام السفر وتأثيره على قصر الصلاة]
بالنسبة لقصر الصلاة في السفر, بعض العلماء اشترط قال: إذا كان يعلم مدة سفره فيقصر واحداً وعشرين فريضة من غير أيام المسير, وبعض العلماء قالوا: إذا كان لا يعلم فيقصر إلى أن يرجع إلى بلده, فهل هذا صحيح؟
المسألة فيها -يا بني- واحد وعشرون قولاً للعلماء, لكن الراجح: أنه ما دام أنه لم يعزم على الإقامة المطلقة غير المقيدة فإنه يقصر, حتى ولو بقي أربعة أيام, ولو كان يعلم أنه سيبقى أربعة أيام أو خمسة أو عشرة أو أربعة شهور أو أربع سنوات, والتفريق بين كونه يعلم المدة أو لا يعلمها ليس عليه دليل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قصر في تبوك عشرين يوماً وهو يعلم أنها لا تكفيه أربعة أيام, قطعاً, وأقام عام الفتح تسعة عشر يوماً في مكة يقصر, ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يمكث في هذه البلدة التي فتحها ويرسل إلى ما حولها ليهدم الأوثان أنه يكفيه أربعة أيام, ثم لم يقل يوماً من الدهر: يا أيها الناس! من عزم أن يبقى أكثر من أربعة أيام، فلا يقصر, ما قال هذا, بل قدم في حجة الوداع -آخر سفرة سافرها- في اليوم الرابع وجعل يقصر الصلاة حتى رجع إلى المدينة , وهو يعلم أن الناس يأتون قبل اليوم الرابع, هل كل الحجاج لا يأتون إلا من الرابع فما بعد؟ أبداً, من الحجاج من يأتي في أول الحجة، ومنهم من يأتي في ذي القعدة, ومنهم من يأتي في شوال {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧] متى تبدأ؟ من شوال, هل قال لأمته وهو يعلم أن منهم من يأتي قبل اليوم الرابع: من قدم منكم قبل اليوم الرابع فعليه أن يتم؟ هذا أمر ما هو هين.
فلما لم يقل هكذا علمنا أن هذا الحديث الذي استدل به من يقدر بأربعة أيام أنه دليل عليه وليس دليلاً له؛ لأنه يقول: إن الرسول يعلم أن هناك من قدم قبل ذلك ومن يقدم بعد هذا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل للأمة: يا أيها الناس! من قدم منكم قبل اليوم الرابع فعليه الإتمام.
فالمهم أننا نقول: القصر معلق بالسفر فما دمت مسافراً فالقصر ثابت في حقك, ومسح ثلاثة أيام على الجوارب والخفين ثابت في حقك, والفطر في رمضان ثابت في حقك, إلا أننا نقول: الفطر في رمضان لك أن تفطر, لكنه لا ينبغي أن يأتي رمضان الثاني إلا وأنت قد أديت الواجب عليك, لماذا؟ لئلا تتراكم عليك الشهور، وتعرف إذا تراكمت أربعة شهور مثلاً صعب عليك أن تقضيها, فإذا كان إفطاره سبباً لعدم القضاء فليقض.
السائل: هل القصر سنة أم واجب؟ الشيخ: القصر سنة مؤكدة, وبعض العلماء يقول بالوجوب, أما إذا كان في بلد والناس يصلون ويتمون يجب عليه أن يصلي مع الناس ويتم, إلا لعذر.