إذا كان يثبت التحلل الأول بنسك واحد وهو رمي جمرة العقبة هل نستطيع أن نقيس الحلق على ذلك لأنه نسك من الأنساك التي فعلها النبي عليه الصلاة والسلام في يوم الحج الأكبر؟
من المعلوم أن الحديث الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام:(إذا رميتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) ، وفي لفظٍ:(إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) ، وقول بعض الفقهاء: أنه إذا فعل اثنين من ثلاثة حل التحلل الأول لا دليل عليه، بل يقال: إن التحلل الأول مرتبط إما بالرمي وحده وإما بالرمي والحلق، أما اثنين من ثلاثة فهذا وإن كان له حظ من النظر لكنه ضعيف، فيقتصر على ما جاء به النص، أما هل يحصل التحلل بالرمي وحده، أو بالرمي والحلق؟ فالصواب: أنه لا يحصل إلا بالرمي والحلق؛ لأن حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ومعلوم أنه لا طواف بالبيت بالنسبة لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بعد الرمي والحلق، ولو كان يتحلل قبل الحلق لقالت: ولحله قبل أن يحلق.
فلما قالت:(قبل أن يطوف) .
علمنا أنه لا يحل التحلل الأول إلا بالحلق.
وأيضاً: فإن الحلق رتب عليه الحل في مسألة الإحصار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحصر في الحديبية أمرهم أن يحلقوا ثم يحلوا، ولا حل لمحصر إلا بعد الحلق.
فالصواب: أنه لا يحل التحلل الأول إلا بعد الرمي والحلق، وأنه لو رمى وطاف لم يحل، ولو حلق وطاف لم يحل، وإنما يقتصر في الحل على ما جاء به النص وهو الرمي والحلق.