فضيلة الشيخ! حفظك الله وبارك الله للأمة في علمك وحياتك، اطلعت على مقال نشر في مجلة البيان في العدد التاسع والسبعين وآلمني وإن كان نظري قاصراً حول هذه المسألة وأردت أن أنكر هذا في صلاة الجمعة في يوم غد فرأيت أن أستشير فضيلتكم وآخذ نصاً يسيراً من المقال أربعة أسطر في قول الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة:١٨٩] .
فقال: فقد جاء أحد تفسيري الآية الكريمة أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الأهلة والكواكب! لم يبدو القمر هلالاً صغيراً ثم لا يلبث إلا قليلاً وقد أخذ في الزيادة والتوهج والاكتمال؟ ثم قال: وهو على أي حال سؤال ساذج يدل على سطحية في التفكير، وبدائية في النظر، ومحدودية في التناول التأملي، وبساطة في البحث عن المعرفة الفكرية المهمة، المناسبة للمكان والزمان، وكان يمكن أن يأتي الرد على ظاهر سؤالهم العبثي.
ثم أخذ من هذه الكلمات، فما رأي فضيلتكم؟
أولاً: بارك الله فيك القول بأن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أحجام الأهلة: لماذا تبدوا صغيرة ثم كبيرة؟ هذا لا سند له وإنما ينقله علماء البلاغة، وليس في الآية ما يدل عليه، الصحابة سألوا عن الأهلة: ما الحكمة من وجود الأهلة؟ فبين الله تعالى أنها مواقيت للناس والحج، كما في قوله تعالى:{وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ}[يونس:٥] ما خلق الله ذلك إلا بالحق، هذا هو الذي وقع السؤال عنه وهو مطابق تماماً للجواب، لكنَّ البلاغيين يقولون: هذا من باب الأسلوب الحكيم، كأن الله عدل عن إجابة سؤالهم إلى الأهم والأنفع، وبناءً على ذلك نقول: يجب على هذا الذي تكلم بهذا الكلام في حق الصحابة يجب عليه أن يتثبت، أولاً: هل صحيح أنهم سألوا: لماذا يبدو الهلال صغيراً ثم يكبر، أم سألوا عن الحكمة من إيجاد هذه الأهلة؟ أما أن يهاجم الصحابة هذه المهاجمة دون أن ينظر إلى صحة القصة فلا شك أن هذا خطأ من الناحية العلمية والمنهجية وإساءة إلى الصحابة رضي الله عنهم، والآية معناها: أنهم سألوا الرسول عن الحكمة في هذه الأهلة فأجيبوا ببيان الحكمة.
السائل: فهذه العبارة التي ذكرها.
الشيخ: غلط من الناحية المنهجية وخطأ من ناحية القدح في الصحابة، الصحابة ما سألوا هذا السؤال الذي قصد.