قال الله عز وجل:{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى}[النجم:٥٠] وهم قوم هود.
و (الأولى) : وصف كاشف وليس وصفاً مقيداً، أي: ليس هناك عاد أولى وعاد ثانية بل هي واحدة، لكنها عاد قديمة سابقة، ولهذا وصفها بأنها الأولى يعني: القديمة السابقة وليس ثمة عادٌ أخرى.
عاد: هم قوم هود، وكان الله تعالى قد أعطاهم من القوة والنشاط وشدة البطش ما ليس لغيرهم، حتى إنهم قالوا:{مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}[فصلت:١٥] فقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ}[فصلت:١٥] ، هؤلاء القوم يفتخرون بشدتهم وقوتهم فأهلكهم الله تعالى بألطف الأشياء، حيث أهلكهم بريح صرصر عاتية، {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً}[الحاقة:٧] ابتدأت من بعد الفجر وانتهت عند الغروب، فصارت الأيام ثمانية والليالي سبعاً، {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة:٧] تحمل الإنسان إلى القمة ثم تقذف به على الأرض، فصاروا كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية والعياذ بالله، أو {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}[القمر:٢٠] .
فهؤلاء القوم مع شدة بطشهم وشدة بأسهم لم يمنعهم ذلك من عذاب الله عز وجل.