هناك فتوى من سماحة الشيخ سيد طنطاوي في مصر بجواز فوائد البنوك، فيقول: الشيخ استند على رأي فقهي يقول: إن هناك رأيان في مسألة البنوك رأي يحدد الفائدة مقدماً ورأي لا يحدد فائدته، فهو بنى فتواه على الرأي الذي يحدد الفائدة مقدماً فيسأل الإخوة هل هذا رأي معتبر له سند في الشرع أو أنه اجتهاد من الشيخ؟
الذي نرى أنه ليس له مستند من الشرع وأنه غلط؛ لأن الربا هو الزيادة، سواء كانت الزيادة فيها مصلحة للجميع أو لا، بعض إخواننا من العلماء المعاصرين، يقولون: إن الربا الاستثماري فيه مصلحة، للآخذ والمعطي، الآخذ مصلحته أنه يزيد ماله يعطي ألفاً ويأخذ ألفاً ومائتين، والمعطي للربا يستفيد أنه يأخذ هذا المال ويشتري به معدات، أو إنشاء مشروع أو ما أشبه ذلك، فيقولون: هذا فيه فائدة للطرفين والشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لتكثير المصالح وتحصيلها، والربا أصله مبني على الظلم لقوله تعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}[البقرة:٢٧٩] .
هذه نظرية ما نقول فيها شيء، لكن إذا كانت تخالف النص، وجب إبطالها؛ لأنه لا يمكن أن تستقيم النظريات مع مخالفة النص، وإلا لاستقام لإبليس دعواه أنه خلق من نار وآدم من طين، على أن الطين خير من النار، حتى أصل قياس إبليس خطأ، أقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام أُتي إليه بتمر جيد، فقال:(من أين هذا؟ قالوا: يا رسول الله! نأخذ الصاع من هذا بالصاعين من الردي والصاعين بالثلاثة) .
أسألك أنت أيها السائل، هل فيها ظلم؟ أعطيتك صاعين رديئين قيمتهما عشرة دراهم، وأعطيتني صاعاً جيداً قيمته عشرة دراهم، فيها ظلم؟ الظاهر والباطن ما فيه ظلم، هذا لو بعته بالسوق أخذت عشرة، والاثنين لو بعتهم بالسوق أخذت عشرة ما في ظلم، ومع ذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام:(أوه عين الربا رده) ، فقال: هذا عين الربا، وقال:(رده) وقال: (أوه) أتوجع من هذا العمل، ومع ذلك ليس فيه ظلم وفيه مصلحة، فأبطله الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال:(هو عين الربا) بهذا نعرف أن الفتوى التي أشرت إليها وما قاله بعض المعاصرين فتوى غلط، ليست بصحيحة، والربا الاستغلالي الظلمي، والاستثمار المصلحي؛ كلاهما حرام، نسأل الله أن يحمينا وإياكم ويدلنا على الحق، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.