تفسير قوله تعالى:(ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم)
قال تعالى:{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}[الحديد:٢٨] يعني: أنكم إذا آمنتم وحققتم الإيمان مع التقوى يثيبكم ثوابين ويجعل لكم نوراً تمشون به، أي: علماً تسيرون به إلى الله عز وجل على بصيرة، وفي هذا دليل على أن التقوى من أسباب حصول العلم، وما أكثر الذين ينشدون العلم، ينشدون الحفظ يعني يطلبونه، يطلبون الفهم، فنقول: إن تحصيله يسير وذلك بتقوى الله عز وجل وتحقيق الإيمان الذي هو موجَب العلم، اعمل بما علمت يحصل لك ما لم تعلم، فتقوى الله عز وجل من أسباب زيادة العلم ولا شك، ولهذا قال:{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} أي: تسيرون به -أي: بسببه- سيراً صحيحاً يوصلكم إلى الله عز وجل.
{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبكم} أي: يسترها عليكم ويعفو عنكم، فلا عقاب ولا فضيحة {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: ذو مغفرة ورحمة، كما قال الله عز وجل:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}[الرعد:٦] وقال عز وجل: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}[الكهف:٥٨] فالغفور أي: ذو المغفرة، والرحيم أي: ذو الرحمة، وذلك أن الإنسان محتاج إلى مغفرة لذنوب وقعت منه وإلى رحمة تسدده ويتجنب بها المعاصي ويهتدي للتوبة إن عصى.