كتاب الطلاق هو كتاب المعاملات؛ لأننا وجدنا كلاماً للإمام النووي في المجموع أنه قال: إن الفقهاء يختلف اصطلاحهم عن الأصوليين، فإن الأصوليين مثلاً قالوا: الشك ما تراوح بين أمرين -معروف تقسيم الأصوليين- أما تقسيم الفقهاء فإنهم يرون كما تعلمون أن الشك ولو كان في غلبة الظن يعتبر شكاً عندهم، ولكن هل يعمل بهذا -مثلاً- في كتاب الطلاق، وهل من قال -مثلاً-: رجعت كاذباً فهل تعتبر هذه رجعة؟
أولاً: ما ثبت بيقين لا يرفع بالظن، هذه قاعدة: ولهذا لما شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد في بطنه شيئاً ويخشى أنه أحدث قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فاليقين لا يزول بالظن، لا يزول اليقين إلا باليقين، وعلى هذا فمن علق طلاق امرأته على شيء، وشك هل حصل هذا الشيء أم لم يحصل فلا طلاق عليه حتى لو غلب على ظنه أنه حصل فلا طلاق عليه.
أما مسألة التفريق بين الظن والشك: فمعلوم أن الأصوليين يقسمون الإدراك إلى خمسة أقسام: علم وظن وشك وتردد وجهل.
وأما الفقهاء فهم يقولون: إما يقين فقط، واليقين والظن لا يزول به اليقين، وهذه قاعدة مهمة.
السائل: إذا قال: راجعت قالها الرجل كاذباً ليس بصادق فيها واعترف بهذا؟ الشيخ: ادعى بهذا أنه راجع زوجته وأنكرت الزوجة؟ السائل: بل أنكر هو نفسه قال: قلت ذلك كاذباً، فهل هذه تعتبر رجعة أو لا تعتبر؟ الشيخ: تعرف أن الإقرار الذي يتعلق به حق الغير أن الإنسان إذا رجع عنه لا يقبل في حق الغير، فلو أنه قال: إنه راجع زوجته ثم لما ادعت عليه أن ينفق عليها وغير ذلك قال: أما ما راجعتها وإني كنت راجعتها كاذباً، فهذا لا يسقط حقها من النفقة؛ لأن هذا يتعلق به حق الغير، أما إذا كان إقراراً لا يتعلق به حق الغير فهذا له أن يرجع فيه.