[حكم الاكتفاء بعبادة واحدة إذا اتفقت عبادتان في الهيئة]
إذا اتفقت عبادتان في الهيئة واختلفت مسألة الإيجاب، كغسل يوم الجمعة وغسل الجنابة أو كمن أخر سنة الفجر إلى طلوع الشمس ثم صلى الركعتين التي ترد في السنة إذا طلعت الشمس حتى تصير قيد رمح، فما حكم أن يجمعهما في فعل واحد.
هذا سؤال مهم إذا اجتمعت عبادتان فهل يُكتفى بإحداهما عن الأخرى؟ إن كانت العبادة مقصودة بذاتها فإنها لا تجزئ عن الأخرى، لابد من فعل الثنتين جميعاً، وإذا كانت غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود حصول هذا الفعل بأي وصف وصفناه، اكتُفي بواحدة عن الأخرى، فمثلاً الغسل يوم الجمعة عن جنابة ومن أجل الجمعة نقول: المقصود بغسل يوم الجمعة هو: الطهارة والتنظف، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام للصحابة الذين يأتون من العوالي ومن أمكنة بعيدة ويكون فيهم العرق والرائحة قال:(لو أنكم تطهرتم يومكم هذا) فهنا المقصود والتطيب لكن بأمر الرسول به صار عبادة.
نقول الآن: إذا نوى بغسل الجنابة كفى عن غسل الجمعة، كما تكفي الفريضة عن تحية المسجد، وإذا نوى غسل الجمعة لم يجزئ عن الجنابة؛ لأن غسل الجمعة ليس عن حدث وغسل الجنابة عن حدث، ولهذا لو تعمد ترك غسل الجمعة وصلى الجمعة صحت صلاته، لكن لو تعمد ترك غسل الجنابة أو لم يتعمد وصلى الجمعة وهو عليه الجنابة فإن صلاته لا تصح.
أما مسألة سنة الفجر مع سنة الإشراق أو سنة الضحى فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى؛ لأن سنة الضحى مقصودة بذاتها، ولهذا لو كان على الإنسان مثلاً راتبة الظهر الأولى أربع ركعات في تسليمتين لو أنه فاته ذلك في الأول، جاء والإمام يصلي وأراد أن يقضيها، هل يصلي ركعتين عن الأربع؟ فهذا التفصيل هو الذي في الشرح، إذا كانت العبادة مقصودة بذاتها فلابد من فعلها ولا تجزئ الأخرى عنها، وإذا كان المقصود حصول ذلك الفعل على أي وصف كان اكتُفي بواحدة عن الأخرى، لكن يُكتفى بالكبيرة عن الصغيرة، ولا يكتفى بالصغيرة عن الكبيرة.