معنى الاتكاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا آكل متكئاً)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا آكل متكئاً) هل يدخل فيه الشرب, وهل الاتكاء مذموم مطلقاً، وما علة النهي؟
أولاً: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لا آكل متكئاً) ليس نهياً, لكن فيه بيان أدب من آداب الأكل, ألا يأكل الإنسان متكئاً تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأكل متكئاً لعله يترتب عليه محذوران: المحذور الأول: أن الأكل متكئاً يدل على أن فاعله عنده عنجهة, وكبرياء, وغطرسة.
المحذور الثاني: أن الأكل متكئاً يأكل وهو مستريح, وربما يأكل كثيراً لأنه مرتاح مطمئن, ولهذا ألحق ابن القيم رحمه الله بذلك أكل الإنسان متربعاً، يعني: هكذا، يقول: لا تأكل هكذا، هذا من الاتكاء؛ لأن الإنسان إذا أكل هكذا يكثر الأكل, لكن الصحيح: أنه ليس من الاتكاء والاتكاء: أن يعتمد الإنسان على يده اليمنى أو اليسرى.
فهذا السبب أن الرسول لا يأكل متكئاً لئلا يتمادى في الأكل ويكثر من الأكل, ومعلوم أن الأكل الكثير غلط في الشرع وفي الطب, أما الشرع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه -لقيمات للتصغير للتقليل- فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) ولو أن الإنسان عود نفسه هذه القاعدة من البداية لاستراح, وقلَّت التخمة عنده والسمنة، وقلّ الكسل, فهو يأكل الثلث، ويشرب الثلث، ويدع الثلث, وإذا جاع أكل, ليس معناه: لازم ألا تأكل إلا الفطور والغداء والعشاء, أنت قدّر الثلث للطعام، والثلث للشراب، والثلث للنفس, وإذا جعت فكل, هذا إن كان لا محالة, وإلا فاللقيمات تكفيك.
لكن -كما تعلمون- كما تعودنا الآن أن الإنسان يأكل حتى يشبع شبعاً كبيراً, فتجده يكسل ويسترخي ويأتيه نوم, وربما يأكل أكلاً يعلم أنه يتأثر ويتأذى به، ويقول: نصبر -يعني: تصبر! لماذا تأكل؟ - يقول شيخ الإسلام: إذا كان الإنسان يخشى من أكله تأذياً أو يخشى تخمة فإنه يحرم عليه الأكل.
بمعنى: أنه يأثم.
ولذلك ننصح إخواننا ونبدأ بنصيحة أنفسنا أولاً -أسأل الله أن يعيننا-: ألا نأكل كثيراً ولا نشرب كثيراً بل بقدر الحاجة, ثلث وثلث وثلث, وإذا جعنا، فالحمد الله الخير موجود.