فضيلة الشيخ! اختلف العلماء في تكفير رجل معين يعمل أعمالاً كفرية ما بين متشدد وما بين متساهل، بعضهم يقول: إذا رأيت رجلاً يطوف حول قبر فاسأل عن نيته: لماذا يطوف؟ وبعضهم يقول: بمجرد رؤية الرجل فإنه يكفر، خصوصاً إذا كان يعلم هذا الشيء، فهل ينكر بعضهم على بعض؟ وما رأيكم في هذا الشيء؟
أقول: لعلك تفهم أن في الأمة الإسلامية طائفتين متطرفتين: الخوارج والمرجئة، فالخوارج يقولون: لا ينفع مع المعصية إيمان، ويكفرون كل فاعل كبيرة.
والمرجئة يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، ويجعلون كل صاحب معصية مؤمناً كامل الإيمان.
وهكذا في زمنك الآن فيه من جذبته المرجئة وتوسع في التساهل في الحكم على الناس، وفيهم من نزع نزعة الخوارج وصار يكفر في كل ذنب.
والواجب الاقتصار في التكفير على ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأن الحكم بالتكفير من جملة الأحكام التي تُتلقى من عند الله، فكما أنه لا يحل لنا أن نقول: هذا واجب وهذا حرام إلا بدليل، فلا يجوز أن نقول: هذا كفر وهذا إيمان إلا بدليل، ثم إنا إذا قلنا: هذا كفر فلا نحكم عل كل فاعل أن يكون كافراً؛ لأنه قد يكون معذوراً، أو يشتبه عليه الحق، أو يكون مضطراً ارتكب هذا للضرورة، فنصبر حتى نتبين حال هذا المرء، فإذا تبين حاله وأن الرجل عنده علم، ولكنه تجرأ على ما يصل به إلى الكفر؛ كفَّرناه.
السائل: هل ينكر بعضنا على البعض الآخر؟ الشيخ: نعم، معلوم ننكر على المتطرف في هذا ونقول له: اتق الله في عباد الله، لا تكفر من لم يكفره الله عز وجل، وللآخر لا ترجئ من لم يرجئه الله، هذا الكتاب والسنة نمشي عليهما.