ما حكم الموعظة عند القبر، وفي قصور الأفراح، وفي الولائم؟
الموعظة عند القبر سُنَّة على حسب ما جاء في السُّنَّة، وليست الموعظة أن يخطب الإنسان قائماً يَعِظُ الناس؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، خصوصاًَ إذا اتخذها راتبة، كلما خرج مع جنازة قام ووعظ الناس.
لكن الموعظة عند القبر تكون كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، كان يَعِظُ وهو واقف على قبر إحدى بناته، يقول:(مَا منكم من أحد إلا وقد كُتِب مقعدُه من الجنة والنار) كلامٌ كالعادة، أو كما أتى مرة والناس في البقيع، ولَمَّا لَمْ يتم إلْحاد القبر جَلَسَ وجلس الناس حوله، وجعل ينكُتُ بعود معه على الأرض، ثم ذكر حال الإنسان عند احتضاره، وعند دفنه، وتكلم بكلامٍ هو موعظة.
فمثل هذا لا بأس به.
أما أن يقوم خطيباً فهذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما في الأعراس فكذلك أيضاً لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقوم خطيباً يخطب الناس، ولا عن الصحابة فيما نعلم، بل لَمَّا ذُكِرَ له أن امرأة من الأنصار زُفَّت إلى زوجها، قال:(هلَاّ بعثتم معها مَن يغني، فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو) فدل ذلك على أن لكل مقام مقالاً؛ ولأن الإنسان إذا قام خطيباً في الأعراس فإنه قد يُثْقِل على الناس، فليس كلُّ أحد يَتَقَبَّل، فقد يكون بعض الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة فيريد أن يتحدث إليهم، ويسألهم ويأنس بهم، فإذا جاءت هذه الموعظة والناس متأهبون للحديث مع بعضهم ثَقُلَت عليهم.
وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مُثْقِلَة على الناس؛ لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها، وكرهوا الواعظ.
ولذلك أقول: لو أن أحداً في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم فحينئذٍ له أن يتكلم، ولاسيما إذا كان الرجل ممن يَتَلَقَّى الناسُ قولَه بالقبول.
كذلك لو رأى منكراً فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه، ويقول: إما أن تتركوه أو نخرج.
فلكل مقام مقال، وأنا أحب أن يتلقى الناسُ دينهم بانشراح وقبول، وإذا قدرنا أن (١٠ %) ، يريدون الموعظة، وأن (٩٠ %) لا يريدونها فمَن نرجِّح؟! نرجَّح (٩٠%) ؛ لئلا نثقل على الناس.