للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ليروا أعمالهم)]

قال تعالى: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [الزلزلة:٦] أي: يصدرون أشتاتاً فيروا أعمالهم، يريهم الله تعالى أعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وذلك بالحساب وبالكتاب، فيعطى الإنسان الكتاب إما بيمينه وإما بشماله، ثم يحاسب على ضوء ما في هذا الكتاب، يحاسبه الله عز وجل، أما المؤمن فإن الله تعالى يخلو به وحده ويقرره بذنوبه ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا حتى يقر ويعترف، فإذا رأى أنه هلك قال الله عز وجل: (إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) ، وأما الكافر والعياذ بالله فإنه لا يعامل بهذه المعاملة بل ينادى على رءوس الأشهاد: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:١٨] وقوله: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [الزلزلة:٦] هذا مضاف، والمضاف يقتضي العموم، وظاهره: أنهم يرون الأعمال الصغيرة والكبيرة، وهو كذلك إلا ما غفره الله من قبل بحسنات أو دعاء أو ما أشبه ذلك فهذا يمحى كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤] فيرى الإنسان عمله يرى عمله القليل والكثير، حتى يتبين له الأمر جلياً ويُعطى كتابه ويقال: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٤] ولهذا يجب على الإنسان ألا يقدم على شيء لا يرضي الله عز وجل؛ لأنه يعلم أنه مكتوب عليه، وأنه سوف يحاسب عليه.