قال تعالى:{جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً}[النبأ:٣٦] أي: أنهم يجزون بهذا جزاء من الله على أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا، واتقوا بها محارم الله.
وقوله عز وجل:{حِسَاباً} ، أي: كافياً مأخوذة من الحسب وهو الكفاية، أي: أن هذا الكأس كافٍ لا يحتاجون معه إلى غيره؛ لكمال لذته وتمام منفعته.
ثم قال عز وجل:{رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}[النبأ:٣٧] فالله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء، قال الله تعالى:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ}[النمل:٩١] ، فهو رب السماوات السبع الطباق، ورب الأرض -وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما بينهما، أي: ما بين السموات والأرض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب، والأفلاك وغيرها مما نعلمه ومما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وقوله:{لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}[النبأ:٣٧] يعني: أن الناس لا يملكون خطاباً من الله، ولا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بإذن الله، وذلك {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}[النبأ:٣٨] وهو جبريل: {وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً}[النبأ:٣٨] أي: صفوفاً صفاً بعد صف؛ لأنه كما جاء في الحديث تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق ثم ملائكة السماء الثانية من ورائهم، ثم الثالثة ثم الرابعة والخامسة وهكذا صفوفاً، لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى.