فضيلة الشيخ: إذا أتانا في العمل كافر ومسلم لأن لهم عندنا حاجة في العمل ننجزها فأتى الكافر قبل المسلم هل نقدم المسلم على الكافر أو الذي أتى الأول؟
لا.
ابدأ بالذي أتى الأول، هذا هو العدل، ولهذا قال العلماء: لو تحاكم كافر ومسلم عند القاضي هل يجعل المسلم في مكان أحسن من الكافر؟ لا.
لا يجعله في مكان أحسن بل يجعلهم سواء أمامه، ولا يخاطب المسلم بخطاب لين والكافر بخطاب قاسٍ، هذا لا يجوز، فالحكم بين الناس يجب أن يكون بالعدل قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:٨] وأنت إذا فعلت ذلك وعدلت فربما يكون هذا سبباً لإسلام الكافر؛ لأن في هذا الدين العدل والكافر في قومه لا يرى العدل، وذكر لي أحد طلبة العلم -وأنا لم أرها لكن ذكر لي- أنه في عهد معاوية رضي الله عنه كان أميراً على الشام في زمن عمر، فاحتاج بيت المال إلى زيادة وكان إلى جنب بيت المال بيت ليهودي، فطلبه معاوية ليوسع به بيت المال فأبى اليهودي فأعطاه أكثر من قيمته فأبى، فأخذه معاوية قهراً وقال: ثمن بيتك في بيت المال متى شئت خذه، فركب الرجل إلى أمير المؤمنين عمر في المدينة، وكان معاوية في الشام رضي الله عنه قد اتخذ لنفسه هيبة؛ لأنه في أمة يهابون الناس في الشكل، فلما قدم المدينة سأل عن عمر الخليفة أمير المؤمنين وذاك أمير في الشام فقط، سأل عن الخليفة أين الخليفة؟ ظن أنه في قصور مشيدة عظيمة، قالوا: لعله في المكان الفلاني عند بعض العجائز، أو لعله في المسجد، فذهب ورآه في المسجد وقد توسد كومة من الحصى وعليه ثوب مرقع قالوا: هذا عمر، قال هذا عمر؟!! فعرض عليه القضية، فكتب عمر رضي الله عنه إلى معاوية أن اعدل، فقط ما كتب غيرها.
فذهب بها اليهودي إلى معاوية وقال له: تفضل، قرأها معاوية قال: الآن تريد أن نعيد لك بيتك كما كان أعدناه، هكذا أمر عمر، قال هكذا أمر؟ قال نعم، قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبيتي لكم، انظر العدل، العدل يضطر النفس إلى التصديق والقبول، فالآن إذا جاءتك معاملة فابدأ بالأول سواء كان مسلماً أو كافراً.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.