للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الطهارة في الطواف]

فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك: هل الطهارة في الطواف شرط؟

جمهور العلماء: على أن الطهارة شرط في الطواف، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام) .

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها ليست بشرط، وأنه يجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يطوف وطوافه صحيح، واستدل لذلك بأدلة قوية من راجعها تبين له أنه الحق، وحديث: (الطواف بالبيت صلاة) لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما هو موقوف على ابن عباس، وأراد ابن عباس -والله أعلم- أنه له حكم الصلاة لكون الإنسان يخشع فيه ويذكر الله وما أشبه ذلك؛ لأن قوله: إلا أن الله أباح فيه الكلام.

لا ينطبق، فالطواف يجوز فيه الكلام، ويجوز فيه الأكل والشرب، ويجوز فيه السرعة وعدم السرعة، ولا يشرط فيه استقبال القبلة، بل لو استقبل الكعبة لما صح طوافه، وليس فيه قراءة فاتحة ولا تكبيرة إحرام ولا سلام، فكلام شيخ الإسلام في هذا أقرب للصواب، ولكن مع ذلك لا نقول للإنسان: إن طوافه بوضوء أو بغير وضوء سواء، بل بالوضوء أفضل بلا شك، إنما أحياناً يحدث مع الزحمات الشديدة أن الإنسان يحدث، إما بغازات أو بانطلاق بول أو ما أشبه ذلك، فهنا لا يستطيع الإنسان أن يلزم عباد الله فيقول له: اذهب وتوضأ وأعد الطواف في هذه الزحمات الشديدة متى يجد ماءً يتوضأ به؟ المواضئ كلها مملوءة، ثم إذا توضأ ورجع هل يؤمن ألا يحدث؟ لا يؤمن.

يمكن يحدث مرة ثانية، فإذا قلنا: بطل وضوءك اذهب وتوضأ، وذهب، متى يجد مكاناً يتوضأ فيه، فإذا توضأ وعاد ما يؤمن أن يحدث مرة ثالثة، وهلم جرا.

فإيجاب شيء لم يتبين في الكتاب والسنة أنه واجب لا سيما مع مشقة التحرز منه، فيه نظر.