فلنبدأ الآن بذكر الصفة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي التمتع، أن يأتي بالعمرة أولاً ثم بالحج ثانياً، فإذا وصل إلى الميقات اغتسل وتجرد من الثياب المعروفة ليلبس ثياباً خاصة بالإحرام وهي الإزار والرداء، ويتطيب بعد الاغتسال بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يضره بقاء الطيب بعد الإحرام؛ لأن هذا الطيب سابق على الإحرام، وقالت عائشة رضي الله عنها:(لقد كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم) ، ثم يلبي، فإن كان وقت الفريضة قريباً فليجعل التلبية بعد الفريضة، وإن لم يكن قريباً فقال بعض العلماء: إنه يسن أن يصلي ركعتين من أجل الإحرام؛ ففي الحديث:(صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة وحجة أو عمرة في حجة) والشاهد قوله: (صلِّ في هذا الوادي المبارك) .
وقال بعض أهل العلم: إنه ليس للإحرام صلاة خاصة، وإنما يحرم الإنسان بمجرد أن ينتهي من الاغتسال والتطيب ولباس ثياب الإحرام بدون صلاة، إلا إذا كان وقت صلاة مشروعة، مثل: أن يكون في الضحى فيصلي صلاة الضحى ويحرم عقبها، أو يريد أن يصلي ركعتين سنة الوضوء فيحرم عقبها، وهذا الذي هو الصواب إذا كان من عادته أن يفعله -يعني: من عادته أن يصلي صلاة الضحى من عادته أن يصلي إذا توضأ- أما إذا صلى وليس من عادته ذلك فمعروف أنه إنما أراد الصلاة في الإحرام، الإنسان الذي يصلي لا ينكر عليه، والذي لا يصلي لا ينكر عليه.