فضيلة الشيخ: ما حكم ذبح الذبائح والإتيان بها إلى أهل الميت؟ وهل يدخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(اصنعوا لآل جعفر طعاماً) وأن الناس يفعلون ذلك على شكل دورية بينهم غداءً وعشاءً؟
هذا ليس داخلاً في حديث جعفر لوجهين: الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم) علل السبب: أنه أتاهم ما يشغلهم، وأكثر الناس اليوم -ولله الحمد- لا يشغلهم الحزن؛ لأن المطاعم موجودة يرسل أصغر الأولاد يأتي بالذي يريد فليس هناك شغل.
الثاني: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يجتمع إلى آل جعفر، ولا اجتمع أقاربهم إليهم، ولا أصحابهم إليهم، إنما هو طعامٌ يصنع لهم غداءً أو عشاءً حسب الظرف فقط، إذا أتاهم ما يشغلهم.
لكن الشيطان يجعل من الأشياء المتشابهة في الشريعة سلماً لأهل البدع، كما جعل قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] جعلها سلماً للذين ينكرون الصفات، فينكرون الصفات بحجة أنها لو ثبتت الصفة لكان الله مماثلاً للخلق، فهؤلاء استدلوا بهذا الحديث وليس فيه دليلٌ لهم، بل هو دليلٌ عليهم في الواقع، هل الرسول عليه الصلاة والسلام اجتمع إليهم وجعفر بن أبي طالب ابن عمه؟ وهل أحد من أقاربهم اجتمعوا إليهم؟ أبداً، بل قال جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: [كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة] والنياحة يعذب بها الميت في قبره، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إن الميت يعذب بما نيح عليه) ولقلة تنبيه العوام على هذا صاروا يظنون أن هذا لا بأس به، لكن أي إنسان تقول له: إن صاحبك الذي مات أبوك أو أخوك أو أمك أو عمك تعذب لما فعلت، لا أعتقد أن أحداً يجرؤ على أن يفعل هذا الشيء أبداً، ثم أصبحت هذه الأشياء وكأنها وليمة عرس، أي: في بعض البلاد تمر بقصد المأتم تجد الأنوار الكثيرة والكراسي والسرادق، وهذا يدخل وهذا يخرج وكأنها وليمة عرس -والعياذ بالله- وقد قال بعض العلماء المعاصرين وفقهم الله: إن أصل هذا مأخوذ عن النصارى، هم الذين يعملون من أجل أن ينسوا الإنسان هذه المصيبة بما يلهي من الدنيا، لا بالتعزية المشروعة؛ التعزية المشروعة أن يوعظ الإنسان ويقال كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام:(إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فاصبر واحتسب) لا أن تقام هذه المعمعة وهذه السرادقات.
ولذلك أرى: أن على أهل العلم وطلاب العلم مسئولية كبيرة حول هذا الموضوع، يجب أن تكرس الجهود للقضاء على هذه البدعة.