[الأنساك التي يفعلها الحاج والمعتمر]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء التاسع والثمانون من لقاء الباب المفتوح الذي يتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس الثالث عشر من شهر ذي القعدة عام (١٤١٥هـ) .
في اللقاء الماضي تكلمنا عن الحج بمناسبة قرب أيام الحج، وذكرنا عدة مباحث تتعلق به، وها نحن نكمل الشوط إن شاء الله في اللقاءات القادمة وفي هذا اللقاء، وقد سبق في المباحث السابقة خمسة أشياء، أما هذا اللقاء فسنتكلم فيه عن الأنساك التي يفعلها من أراد الحج أو العمرة.
إذا سافر الإنسان إلى الحج بعد دخول أشهر الحج فلديه ثلاثة أنساك: النسك الأول: التمتع.
الثاني: القران.
الثالث: الإفراد.
أما التمتع: فهو أن يحرم بعمرة مستقلة من الميقات، ثم إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وقصر وبقي محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن.
وسمي تمتعاً؛ لأن الإنسان يتمتع فيه بين العمرة والحج بما أحل الله له، إذ أنكم ستعلمون إن شاء الله محظورات الإحرام، فالمتمتع تحل له هذه المحظورات بحله من العمرة.
أما القران فله صورتان: الصورة الأولى: أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً من الميقات، ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد.
والصورة الثانية: أن يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه.
لكن هذه الصورة لا ينبغي للإنسان أن يفعلها إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مثل: أن تحيض المرأة في أثناء العمرة وتخشى ألا تطهر قبل يوم التروية، أو قبل يوم عرفة، فحينئذٍ نقول: تدخل الحج على العمرة وتكون قارنة، وكذلك لو أن الإنسان قدم مكة متأخراً وخاف أن لا يتمكن من العمرة، قبل الحج وقد أحرم بالعمرة فحينئذٍ نقول: أدخل الحج على العمرة.
النوع الثالث من أنواع النسك: الإفراد، وهو أن يحرم بالحج مفرداً من الميقات، فيقول: لبيك اللهم حجاً.
وهذه الأنساك يخير فيها الإنسان، ولكن الأفضل التمتع؛ لأن هذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه يتمتع به فيما بين العمرة إلى الحج فيما أحل الله له فيكون له شيء من الحرية، ولأنه يؤدي العمرة كاملة بأفعالها والحج كاملاً بأفعاله، فهذه ثلاثة مرجحات.
أما القران فهو الذي يلي التمتع، لأن القران يحصل للناسك فيه عمرة وحج، لكنه يختلف عن التمتع بأنه لا حل فيه، يعني: لا يحل فيما بين العمرة والحج، بل يبقى على إحرامه من الميقات إلى يوم العيد، ويرجحه على الإفراد، يعني: هو أفضل من الإفراد لوجوه: الأول: أنه يحصل له عمرة وحج، والإفراد لا يحصل له إلا حج.
الثاني: أنه فيه الهدي كالتمتع، والإفراد ليس فيه هدي إلا على سبيل التطوع، فهذا الباب مفتوح.
وعليه فنقول الترتيب: أولاً: التمتع.
ثانياً: القران.
ثالثاً: الإفراد.
إلا أنه إذا ساق الهدي معه فالقران أفضل من التمتع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرن حين ساق الهدي، وقال: (لولا أني سقت الهدي لأحللت معكم) فالقران أفضل لمن ساق الهدي، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه هي الأنساك الثلاثة التي يخير الإنسان فيها إذا أراد أن يحج أو يعتمر، فيقال له: أمامك ثلاثة أشياء اختر ما شئت، ولكن الأفضل: التمتع، ثم القران، ثم الإفراد.