خطأ من قال: إن الكفر العملي لا يكون كفراً أكبر
فضيلة الشيخ: سمعت من أحد العلماء قوله: إن الكفر اعتقادي وعملي، وأن العملي يكون كفراً أصغر فقط لا يدخل فيه الكفر الأكبر، سواءً ترك الصلاة أو فعل أي فعل آخر؟
هذه قاعدة عند بعض العلماء أن الكفر لا يكون إلا عن اعتقاد، وأما كفر العمل فلا؛ لكن الصحيح خلاف ذلك، الصحيح أنه قد يكون الكفر عملياً كترك الصلاة مثلاً؛ لأن القرآن والسنة وأقوال الصحابة تدل على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة مع اعتقاده للوجوب، هذا هو القول الراجح.
ولكن بهذه المناسبة أنا لا أود من إخواننا وشبابنا أن يكون أكبر همهم أن يبحثوا عن كفر الحكام أو غير الحكام؛ كأنهم لم يُخْلَقوا إلا للبحث عن هذا كافر أو غير كافر، عليهم أن يبحثوا في بيان حدود ما أنزل الله على رسوله، من العبادات وغير العبادات، أما مسألة أن يشغلوا أنفسهم بأن هذا كافر، أو غير كافر فهذا غلط، وإضاعة للوقت ولا فائدة فيه، حتى لو وصلوا في النهاية إلى كفر حاكم من الحكام فماذا يفعلون؟ لن يستطيعوا أن يعملوا شيئاً إلا الفتنة، وزوال الأمن، وحصول الشر الذي لا نهاية له، مع أنهم أيضاً ربما يكفرون الحاكم بأهوائهم لا بمقتضى الدليل، عندهم -مثلاً- عاطفة دينية أو غير دينية يقولون: هذا كافر، وليس من قال الكفر أو فعل الكفر؛ يكون كافراً، دلَّ على ذلك القرآن والسنة.
ففي القرآن: يقول الله عز وجل: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:١٠٦] فرفع حكم الكفر عن المكره مع أنه يقول كلمة الكفر، ويفعل فعل الكفر.
وفي السنة: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن (رجل كان مسرفاً على نفسه فأوصى أهله إذا مات أن يُحْرِقوه ويذروه في اليم وقال: لئن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعَذِّبَنِّي عذاباً لا يُعَذِّبُه أحداً، فلما فعلوا جمعه الله عز وجل وسأله لماذا فعلت؟ قال: يا رب! فعلت ذلك خوفاً منك) مع العلم بأنه في هذه الحال حين أوصى كان شاكاً في قدرة الله، يظن أن الله لا يقدر أن يعيده.
وكذلك أخبر أن: (الله يفرح بتوبة عبده المؤمن كفرح الرجل الذي أضاع ناقته وعليها طعامه وشرابه، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بالناقة، فأخذ بخطامها وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) وهذه الكلمة: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) كلمة كفر لا شك فيها؛ لكن لما كانت خطأ من شدة الفرح عُفِي عنه.
فنصيحتي التي أدين الله بها، وأرجو لأبنائنا وشبابنا أن يعملوا بها: ألا يكون أكبر همهم وشغلهم هو هذا، أي: ما تقول في الحاكم الفلاني؟ والحاكم الفلاني كافر، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا لا يغني شيئاً، ولنا مثل قريب فيما حصل في الجزائر مثلاً ما الذي حصل في الجزائر؟ حصل أن قُتِل خمسون ألفاً في ثلاث سنوات، بغير حق، سواءً من الحكومة تقتُل هؤلاء أو منهم يقتلون من هو معصوم الدم، كل هذا من الشر والبلاء.
فلذلك يجب أن يُعرِض الشباب وأهل الخير عن هذا إطلاقاً؛ لأنه لا يفيد أبداً وإنما يُحْدِث الشر والفتنة والفوضى، والحمد لله ما دمنا لا نستطيع أن نغير شيئاً حتى لو رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان، فما الفائدة؟! ثم علينا أن نفكر وننظر إلى كل البلاد التي حصلت فيها الثورة ما ازدادت بعد الثورة إلا شراً في دينها ودنياها.
السائل: ما حكم تارك الصلاة يا شيخ؟ الشيخ: تارك الصلاة عندي لا شك فيه أنه كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة، حتى لو قال: أنا أشهد أنها فرض، وأنها ركن من أركان الإسلام؛ لكنه لا يصليْ فهذا كافر.