قال تعالى:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}[الرحمن:٥٦](فيهن) أكثر الناس يقول: إن الضمير يعود إلى الجنتين، وأن الجمع باعتبار أن لكل واحدٍ من الناس جنة خاصة به، فيكون (فيهن) أي: في جنة كل واحد ممن هو في هذه الجنتين (قاصرات الطرف) وعندي أن قوله: (فيهن) يشمل الجنات الأربع، هاتين الجنتين والجنتين اللتين بعدهما، (قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) أي: أنها تقصر طرفها -أي: نظرها- على زوجها، فلا تريد غيره، هذا وجه.
وهناك وجه آخر:{قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أي: أنها تقصر طرف زوجها عليها فلا يريد غيرها، وعلى القول الأول: يكون قاصرات مضافاً إلى الفاعل، وعلى الثاني: يكون قاصرات مضافاً إلى المفعول، أي: أن طرفهن قاصر على الأزواج، أو أنه قاصرٌ طرفه عليها.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}[الرحمن:٥٦](لم يطمثهن) أي: لم يجامعهن، وقيل: إن الطمث مجامعة البكر، والمعنى: أنهن أبكار لم يجامعهن أحدٌ من قبل، لا إنس ولا جن، وفي هذا دليلٌ واضح على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة.