[تفسير قوله تعالى:(وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)]
قال تعالى:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ}[القمر:٥٠] أي: ما أمرنا فيما نريد أن يكون (إلا واحدة) أي: مرة واحدة بدون تكرار {كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر:٥٠] بدون تأخر، سبحان الله! أمر الله عز وجل واحد لا تكرار، وبسرعة فورية أسرع ما يمكن أن يكون كلمحٍ بالبصر (كن فيكون) واشتهر بين العوام أنهم يقولون: (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا خطأ، ليس أمر الله بين الكاف والنون، بل بعد الكاف والنون؛ لأن الله قال:{كُنْ فَيَكُونُ}[البقرة:١١٧] متى؟ بعد كن، فقولهم: بين الكاف والنون خطأ، يعني: ما تم الأمر بين الكاف والنون، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر، وإن شئت أن ترى عجائب ذلك فانظر إلى الزلازل تصيب مئات القرى، أو آلاف القرى وبلحظةٍ واحدة تعدمها، ولو جاءت المعاول و (الدركترات) والقنابل ما فعلت مثل فعل لحظة واحدة من أمر الله عز وجل، واسأل الخبراء بالزلازل تجد الجواب.
انظر إلى ما هو أعظم من ذلك، الموتى في قبورهم والحشرات والحيوانات، وكل الأشياء، تبعث يوم القيامة بكلمةٍ واحدة كما قال جل وعلا:{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}[يس:٥٣] أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يحضر إلى الخير (صيحة واحدة) فقط (فإذا هم جميعٌ كلهم لدينا) أي: عندنا (محضرون) فصدق الله عز وجل وعده، {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر:٥٠] مثل لمح البصر.
ثم قال عز وجل:{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر:٥١] نقف على هذه الآيات الكريمة ونسأل الله تعالى أن يجعل القرآن لنا ولكم شافعاً عنده يوم القيامة، وأن يكون قائدنا إلى جناته إنه على كل شيءٍ قدير.
الله الله أيها الإخوة! بالقرآن العظيم، لتَفَهُّم معناه والعمل به، فإنه الشفاء لما في الصدور، والموعظة للمؤمنين، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس:٥٧] .