ذكر الشيخ ابن تيمية أن المراد بدبر الصلاة آخرها, أي: قبل السلام, ألا يشكل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(من سبح لله دبر كل صلاة ثلاثة وثلاثين, وكبر الله ثلاثة وثلاثين.
) ؟
لا يشكل, شيخ الإسلام يقول: دبر الصلاة آخرها إذا كان ذلك في دعاء, وأما إذا كان في تسبيح فهو بعدها, وله دليل على ذلك, أما الأول وهو أنه إذا كان دعاءً فإنه يكون قبل السلام فدليله: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم عبد الله بن مسعود للتشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فدل هذا على أن الدعاء قبل السلام.
وأما إذا كان ذكراً فدليله: أن المراد به بعد السلام قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ}[النساء:١٠٣] فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل الدعاء قبل السلام, والقرآن الكريم جعل الذكر بعد السلام, وهذا واضح.
أما من حيث النظر فإنا نقول لهذا الذي يدعو بعد أن يسلم: أيهما أولى: أن تدعو الله عز وجل وأنت في حال دعاء يقضي من الإجابة؛ لأنك تناجي الله عز وجل, أو تدعو الله بعد الانفصال؟ الأول أولى, فصار كلام شيخ الإسلام رحمه الله راجحاً من وجهين: من جهة النص ومن جهة المعنى, وعلى هذا فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ بن جبل:(لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) يراد به ما قبل السلام.