أمره تعالى أن يذكِّر فقال:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى:٩] يعني: ذكِّر الناس ذكرهم بأيام الله، ذكرهم بآيات الله، عظهم {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى:٩] يعني: في محل تنفع فيه الذكرى؛ وعلى هذا فتكون (إن) شرطية، والمعنى: إن نفعت الذكرى فذكر، وإن لم تنفع فلا تذكر، أي: لا فائدة من تذكير قوم تعلم أنهم لا ينتفعون، هذا ما قيل في هذه الآية.
وقال بعض العلماء: ذكِّر على كل حال، فإن كل هؤلاء القوم تنفع فيهم الذكرى، فيكون الشرط هنا ليس المقصود به أنه لا يذكر إلا إذا نفعت، بل المعنى: ذكر إن كان هؤلاء القوم ينفع فيهم التذكير.
فالمعنى على هذا القول: ذكر بكل حال، والذكرى سوف تنفع تنفع من؟ تنفع المؤمنين، وتنفع المذكر أيضاً، فالمذكِّر منتفع على كل حال، والمذكَّر إن انتفع بها فهو مؤمن، وإن لم ينتفع بها فإن ذلك لا ينقص من أجر المذكِّر شيئاً.
إذاً: نحن نذكِّر سواء نفعت الذكرى أم لم تنفع.
وقال بعض العلماء: إن ظن أن الذكرى تنفع وجبت، وإن ظن أنها لا تنفع فهو مخير إن شاء ذكر وإن شاء لم يذكر، ولكن على كل حال نقول: لا بد من التذكير حتى وإن ظننت أنها لا تنفع، فإنها سوف تنفعك أنت، وسوف يعلم الناس أن هذا الشيء الذي ذكرتهم به إما واجب وإما حرام، وإن سكت والناس يفعلون المحرم أو يتركون الواجب قالوا: لو كان هذا محرماً لذكر به العلماء، أو لو كان هذا واجباً لذكر به العلماء، فلا بد من التذكير، ولا بد من نشر الشريعة سواء نفعت الموعظة أم لم تنفع.
ثم ذكَرَ الله عز وجل من سيذكَّر ومن لا يذكَّر، وسنتكلم على ذلك إن شاء الله في اللقاء القادم حتى يكون عندنا وقت أكثر للأسئلة.