[تفسير قوله صلى الله عليه وسلم في التسبيح:(أو زاد عليه)]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) وقال في حديث آخر: (ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه) ومشايخ الطرق من الصوفية أخذوا من قوله: (أو زاد عليه) أن الزيادة مطلقة؛ فألزموا أتباعهم بالتسبيح عشرة آلاف مرة مثلاً، أو مائة ألف مرة، ويعطونهم مسبحة فيها نحو ألف حبة، فهل يؤخذ من هذا أن التسبيح عشرة آلاف مرة أو مائة ألف مرة جائز للإطلاق الوارد في الحديث؟
التسبيح المحدد يؤخذ بما حدده الشرع، والمطلق يؤخذ بإطلاقه ولا يحدد، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) .
لكن إذا زدت بدون تحديد، فقد جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأوصني، قال:(لا يزال لسانك رطباً بذكر الله) ، وقال تعالى:{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ}[الأحزاب:٣٥] لكن تحديدها بعشرة آلاف مرة، أو مائة ألف مرة، ثم اتخاذ هذه المسبحة التي تحوي على ألف حبة -كما ذكرت- يتقلدها الإنسان وتثقل رقبته، فكل هذا لا شك أنه ينهى عنه.
فيقال: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فالنبي عليه الصلاة والسلام ما اتخذ مسبحة، لا صغيرة الحب، ولا كبيرة الحب، ولا عين لأمته مائة ألف، أو عشرة آلاف.
أو ما أشبه ذلك، فاذكر الله ذكراً كثيراً بدون تحديد.