[شبهة من يقيمون المولد محبة لرسول الله والرد عليهم]
الذين يحتفلون بالمولد إذا كان محبةً للرسول عليه الصلاة والسلام فنقول: لا شك أن محبة الرسول واجبة، بل يجب تقديم محبته على محبة النفس والناس أجمعين؛ لكن هل من محبته أن نتقدم بين يديه وأن نشرع في دينه ما ليس منه؟ كلا، يقول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١] .
ويقول الله تبارك وتعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨] .
فلازم المحبة الصادقة: أن لا يتقدم الإنسان بين يدي الرسول فيدخل في دينه ما ليس منه.
ثم نقول ثانياً: هل أنت أيها المحتفل بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام أشد حباً لرسول الله من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وفقهاء الصحابة وعامتهم وأئمة التابعين مِن بعدهم وتابعي التابعين؟! إن قال: نعم، فهو من أكذب الناس، وإن قال: لا، نقول: يسعك ما وسعهم، فهل أقاموا احتفالاً للرسول عليه الصلاة والسلام؟! أبداً لم يُقَمْ هذا الاحتفال إلا في القرن الرابع الهجري، فما بال الأمة الإسلامية لم تقمه قبل ذلك؟! أهي جاهلة به، أم مخالفة عن علم، أم هي ناقصة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم نقول ثالثاً: إذا كان ذلك بدعوى أنك تحيي ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول له: ألا يكفيك ما تحيا به ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عباداتك؟! كل عبادة هي إحياء لذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن كل عبادة شرطها: ١- الإخلاص.
٢- المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
فإذا شعرت وأنت تتعبد لله تعالى بهذين الشرطين: الإخلاص لله، والمتابعة، فإن هذه ذكرى للرسول عليه الصلاة والسلام.
لكن مع الأسف أن كثيراً من الناس اليوم يتعبدون لله بالعبادات على أن هذا هو الأمر الجاري، وقَلَّ مَن يتنبه إلى أنه يصلي إخلاصاً لله ومتابعةً لرسول الله، أو يتطهر لذلك، أو ما أشبهه، وإلا فكل إنسان يشعر حين العبادة بالإخلاص والمتابعة للرسول، فإن عبادته إحياء لذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام.
ثم نقول: إن الله شرع لعباده ما تكون به ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو خير من هذا الذي تريد، خير وأعم وأشمل.
فالمسلمون في كل صلاة مفروضة يُعْلِنون إعلاناً بأعلى ما يكون من الصوت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، في كل أذان، وليس يقتصر على ليلة من العام، بل كل العام، بل كل يوم، والمسلمون في كل صلاة يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فهذا كافٍ في إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذا -أعني: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتقيد بسنته- أكبر دليل على محبته، وكلما كان الإنسان للرسول أتبع، كان له أحب، وكلما كان أحب فهو له أتبع.