بالنسبة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا يقاد الوالد بالولد) هذا الحكم هل يجري على الوالدة؟ الشيخ: هذا الحديث لا يصح عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنه مشهور بين الفقهاء، ولهذا اختلف العلماء: هل يقتل الوالد بالولد أم لا؟ والصحيح: أنه يقتل به، وكيف نقول: هذا الرجل الذي قتل ولده عمداً لا يقتل به، والله عز وجل يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}[البقرة:١٧٨] ، ويقول:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:٤٥] وكذلك صحت السنة بأن النفس بالنفس: (لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس) فنقتله، وإذا كنا نقتله بمقتضى الأدلة العامة، فإن القول: بأن الوالد لا يقتل بالولد قولٌ ضعيف، والحديث مشهور بين الفقهاء لكنه ضعيف، ولا يمكن أن نمنع القصاص الذي دلت عليه النصوص في مثل هذا الحديث الضعيف، يقولون: بالتعليل أيضاً: لأن الوالد سببٌ في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
ونقول: هذه العلة عليلة بل ميتة، هل الولد هو الذي كان سبباً في إعدام أبيه إذا قتله، أو السبب هو الأب؟ السائل: الأب هو السبب.
الشيخ: الأب هو السبب، هو الذي قتله، لماذا يقتله؟ فالتعليل باطل، والحديث ضعيف، والنصوص عامة في وجوب النفس بالنفس.
أما على القول: بأن الوالد لا يقتل بالولد، فهم لا يفرقون بين الأم والأب، يقولون: لا تقتل الأم بولدها، ولا يقتل الأب بولده.
السائل: بالنسبة لنص الحديث ألا يقيد الآية أحياناً؟ الشيخ: لا.
ما يصح.
السائل: حسنه كثير من أهل العلم.
الشيخ: دعنا من الذين حسنوه، لكن نحن نرى أنه ضعيف، ثم كونه حسناً لا يمكن لضعفه؛ لأن الحسن تعرف أنه دون الصحيح درجة، لا يمكن أن يقيد عموم واضح في القرآن والسنة، ثم نقول: أي عقلٍ وأي قطيعة أشد من أن يقتل الوالد بابنه لخصومةٍ بينهما فيضجعه ويأتي بالسكين ويذبحه؟ أكبر قطيعة، ونجازي قاطع الرحم بأن نمنعه من القتل.
وهنا فائدة: بعض الناس يصحح أحاديث أو يحسنها بمقتضى ظاهر الإسناد، ثم لا يلتفت إلى المعنى، مع أن أهل العلم قالوا: إن من شرط الصحة والحسن ألا يكون معللاً ولا شاذاً، فبعد أن تنظر إلى الإسناد يجب أن تنظر إلى المعنى: هل هو مخالف لقواعد الشريعة أم لا؟ انظر مثلاً إلى حديث:(إن لحوم البقر داء، وألبانها شفاء) هذا الحديث باطل ولا يجوز للإنسان أن يصدقه، لماذا؟ لأن الله نص على حل البقر، حل لأكلها؛ فقال:{وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ}[الأنعام:١٤٤] وأحلها، فكيف يحل الله لعباده ما يكون داءً عليهم؟!! إن الله يحرم الداء على عباده، بل قد يكون المطعوم طيباً ونحرمه على شخص، إذا قال الأطباء أو تواتر عند الناس: أن هذا الطعام مؤثر على الإنسان وهو طيب، نقول: هو على هذا الإنسان حرام للضرر، كيف يكون لحم البقر داءً ثم يحله رب العباد الذي هو أرحم من العباد من الوالدة بولدها؟! فمثلاً: هذا الحديث لو جاء إنسان وصححه، نقول: أخطأ في تصحيحه، هذه قاعدة أحب أن ينتبه لها طلبة العلم.