فضيلة الشيخ أحسن الله إليك: ما رأيك فيمن يقول: إن طلب العلم في قراءة الكتب فقط، ولا يتعلق ذلك بالعلماء الأفاضل وإنه يقول: إذا عارضتني مسألة من المسائل أبحث فيها، وبعد ذلك إن لم أستطع فأردها إلى المشايخ، مع العلم أنه ليس عنده العلم الذي يعينه على ذلك، أفتونا مأجورين؟
الغالب في الأمور أن الناس يكونون فيها طرفين ووسطاً، فهذا القول الذي قاله الأخ يعارض بقول من قال:(من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه) ، فمن الناس من يقول: إنه لا طريق إلى العلم إلا بالتعلم من معلم.
ومن الناس من يقول: بل هناك طريق إلى العلم وهو التلقي من الكتب.
والصواب: أن الطريقين صحيحان، التلقي من الكتب والتلقي من أفواه العلماء، ولكن لا بد من شرطٍ أساسي في هذين الأمرين: وهو أن يكون المؤلف موثوقاً في عقيدته وعلمه وأمانته.
وكذلك نقول في المعلِّم: لا بد أن يكون موثوقاً في عقيدته وعلمه وأمانته، ولكن تلقي العلم من أفواه العلماء أيسر وأضبط وأسرع؛ لأن العلماء كالطباخين الذين جهزوا لك الطعام، بخلاف الذي يعاني طبخ الطعام، فإنه يشق عليه، وربما يأكله قبل أن ينضج، وربما يحرق قبل أن يأكله، فالتلقي من العلماء أيسر وأضبط، ولهذا نرى بعض الإخوة بل بعض العلماء الذين اعتمدوا في علمهم على قراءة الكتب فقط نرى عندهم أحياناً شطحات بعيدة جداً عن الصواب؛ لأنهم لم يتلقوا عن علماء ناضجين، لكن إذا لم تجد العالم الذي تتلقى من فِيه، فاقرأ الكتب، ثم إنه إذا قلنا: إنَّ التلقي من العالم أسرع وأحفظ، فلا يعني ذلك ألا يرجع الطالب إلى الكتب، بل يرجع إلى الكتب ولكن رجوعاً مقيداً بتوجيه العالم الذي يقرأ عليه.