ما حكم تخصيص زيارة القبور يوم الجمعة، وهل هناك مزية عن غيره؟
تخصيص زيارة القبور بيوم الجمعة ليس عليه دليل، وزيارة المقابر تكون في كل وقت، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار المقبرة في الليل ودعا لأهل القبور.
ولو قال قائل: ينبغي لكل إنسان حصل منه غفلة عن ذكر الموت أن يذهب ويزور المقبرة، ويكون هذا هو السبب في الزيارة، لو قيل بهذا لكان له وجه، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكر بالموت) وحقيقة أن الإنسان إذا ذهب إلى القبور وزارها فلا بد أن يتذكر الموت ويتذكر الآخرة؛ لأنه يرى هذا القبر كان بالأمس صاحب القبر معه على وجه الأرض يأكل ويشرب ويتمتع ويذهب ويجيء والآن هو مرتهن بعمله، فيتذكر الإنسان، ثم هل يستبعد أن يكون كهذا الرجل؟ أبداً لا بعد في هذا، الإنسان ربما يخرج إلى المسجد ولا يرجع إلى بيته إلا محمولاً، وربما ينام ولا يقوم إلا جنازة، وهذا شيء مشاهد.
حكى لنا بعض الإخوة في الأسبوع الماضي أنه كان رجل قد دعا أصحابه إلى وليمة، فحضروا إلى الوليمة بعد صلاة العشاء، وفي نفس المكان والناس ينتظرون العشاء أحس بدوران في نفسه فحملوه إلى المستشفى فمات هناك فوراً، هل أحد يستبعد أن يناله مثل ما نال هذا الرجل؟ أبداً، فإذاً أنت يا أخي زرت المقبرة تذكر هؤلاء الذين كانوا معك يأكلون ويشربون ويتمتعون ويتكلمون ويضحكون وينامون ويذهبون ويجيئون، والآن هم مرتهنون بأعمالهم، لا يستطيعون أن يزيدوا حسنة من حسناتهم ولا أن يدفعوا سيئة من سيئاتهم، فلو قال قائل: إنه ينبغي للإنسان كلما رأى من نفسه قسوة وغفلة أن يذهب إلى المقابر ويزورها لم يكن هذا بعيداً، لكن إذا زارها ماذا يقول؟ يقول:(السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) .