الاستدلال على تعميم الرأس بما يتعلق بحرف الباء، وأنه مسألة لغوية تتعلق بحرف الباء، وهل هي للتبعيض، أم لا؟ والاستدلال بقوله تعالى:{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان:٦]{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:٢٨] ، وأيضاً سمعت بيتاً من الشعر العربي لكني لا أستحضره الآن؟
لعله:
شربن بماء البحر ثم ترفعت إلى لجنٍ خضرٍ لهن نئيج
لا شك أن من حروف المعاني ما يختلف معناه بحسب متعلقه، فنجد (من) تارة تكون للتبعيض، وتارةً تكون للسببية، ونجد (في) تارة تكون للظرفية، وتارة تكون للسببية، وكذلك (الباء) قد تكون للتبعيض، وقد تكون للسببية إلى غير ذلك، وهذا أمر معلوم، ولكن ليس الشأن في أن (الباء) للتبعيض أو لغير التبعيض في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}[المائدة:٦] وإنما الشأن في كلمة الرأس، فإن الرأس يشمل كل الرأس، و (الباء) هنا للإلصاق؛ لأنها عدت للمسح، ومسح بكذا أي: جعل هذا آلة للمسح، يلصق به الممسوح ويبقى الاستدلال ليس بالباء وأنها للعموم أو التبعيض أو ما أشبه ذلك، وإنما الاستدلال بكلمة رءوس.
السائل: لكن إنكار أنها للتبعيض لا يصح لأنها في المغني؟ الشيخ: لكن أنكرها بعض العلماء قال: إنها لم ترد في لسان العرب للتبعيض، وأما قوله تعالى:{يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان:٦] فالصواب: أنَّ (يشرب) متضمن معنى: يرتوي، أي: يرتوي بها عباد الله، أو أن (الباء) بمعنى (من) أي: يشرب منها عباد الله، وكذلك أيضاً:
شربن بماء البحر ثم ترفعت إلى لجنٍ خضرٍ لهن نئيج
أي: شربن من ماء البحر أو روين بماء البحر، وقد قال صاحب المغني في الآية: الظاهر أن الباء فيها للإلصاق.