ما هو الضابط الشرعي في نظركم في هجر الرجل لزوجته أكثر من ستة أشهر، علماً بأنها مقيمة معه في البيت؟ الشيخ: الهجر في الكلام أو في الفراش؟ السائل: في الكلام والفراش.
أما في الكلام فلا يجوز لأحد أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاثة أيام مهما كان، سواءً كان زوجةً أو قريباً، أو صاحباً، أو رجل شارع، لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، حتى وإن كان صاحب معصية، لا يجوز أن يُهْجَر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيُعْرِض هذا ويُعْرِض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام) ؛ لكن إذا نصحت صاحب المعصية ولم ينتصح، وكان في هجره فائدة بحيث يتوب فإن هجره حينئذ واجباً.
فالهجر إذاً دواء؛ متى كان مفيداً فليُتَقَدَّم إليه، وما لم يكن مفيداً فلا.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم هَجَرَ كعب بن مالك وصاحبَيه: هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع؟ فالجواب: بلى.
هَجَرَهم؛ لكن هل أفاد هَجْرُهُم؟ نعم.
أفاد فائدة عظيمة، قال الله تبارك وتعالى:{وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ}[التوبة:١١٨] ، كل هذا يدل على أن الرجال تأثروا، {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة:١١٨] .
فالحاصل أن الهجر في الكلام لا يجوز.
أما هجر المرأة في فراشها فقد بيَّنه الله عزَّ وجلَّ في القرآن أكبر بيان، فقال:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}[النساء:٣٤] ولم يقل اللهُ: واهجروهنَّ في الكلام {وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ}[النساء:٣٤] وقمنَ بما يجب، {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً}[النساء:٣٤] ، وإذا كنتم أعلى منهن درجة فاذكروا عُلُوَّ الله، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}[النساء:٣٤] ، هذا هو الطريق.
فلا يحل له أن يهجرها في الفراش ستة أشهر، ولا أربعة أشهر، ولا أقل من ذلك، إلا إذا بدر منها نشوزٌ لم تتُب إلا بذلك.