في قوله تعالى في سورة الأنفال:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال:٦٣] هل هناك نكتة بلاغية في مسألة: {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال:٦٣] ولم يذكر قلوبهم؟
معلوم ذلك من وجهين: الوجه الأول: لأن قوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[لأنفال:٦٣] أظهر في التأليف من قوله: (ألف بين قلوبكم) ؛ لأنه إذا تآلفت الظواهر كان ذلك دليلاً على تآلف البواطن، لكن لو تآلفت البواطن فقد يختلف التآلف في الظواهر، فلهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[لأنفال:٦٣] هذا وجه.
والوجه الثاني: أن المدار على تأليف القلوب وهو أمر باطن لا يقدر عليه إلا الله، أما تأليف الظواهر فقد يأتي شخص من الناس ولاسيما من له كلمة في مجتمعه فيؤلف بين اثنين تأليفاً صورياً ويقول: أنا ألفت بين هذين الرجلين، وجمعت بينهما، وأصلحت بينهما، لكن قلوبهما متعادية، ومثل هذا التآلف لا يدوم طويلاً فلهذا قال:{مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال:٦٣] .