بعض طلبة العلم ذكر أن نقل الفتوى عن المفتي لا تجوز إلا بأربعة شروط: أولاً: لا بد أن يعرف الحكم في المسألة.
ثانياً: لا بد أن يعرف الدليل.
ثالثاً: لا بد أن يعرف وجه الاستدلال.
رابعاً: لا بد أن يعرف الجواب عن قول من خالف إذا كان في المسألة خلافاً.
وعزا هذا القول إلى ابن القيم.
فهل هذا صحيح، ثم إذا كان صحيحاً فما توجيهكم؟
أولاً: يقال لهذا الناقل عن ابن القيم: أثبت ذلك عن ابن القيم؛ لأن ما أكثر الذين يقولون: جاء في هذا حديثٌ عن الرسول، أو جاء كلامٌ عن السلف، أو جاء كلامٌ عن بعض العلماء، ثم يكون متوهِّماً في نقله! فيقال: أرِنا كلام ابن القيم؛ لأن كلام ابن القيم ربما يكون على غير الوجه الذي فهمه.
ثم إذا صح هذا عن ابن القيم فإنه غير مُسَلَّم؛ لأن الناقل ليس مفتياً على حسب فتوى المفتي، فهناك فرق بين أن يقول: قال الشيخ الفلاني: كذا وكذا، فيكون ناقلاً، وبين أن يُسأل هذا الذي استفتى العالم، ثم يفتي بدون أن ينسبه ذلك إلى العالم، فهذا هو الذي يحتاج إلى أن الإنسان لا بد أن يعرف الدليل والاستدلال، ويكون كالمجتهد تماماً.
فهناك فرق بين نسبة القول إلى العالم، وبين أن يفتي به اعتماداً على قول عالمٍ بدون أن ينسبه إليه، فالأول مخبرٌ ناقل، وليس فيه شيء، إلا أن يتأكد أن المفتي قال: كذا وكذا، وأما الثاني فيعتبر مفتياً مجتهداً، والمفتي المجتهد لا بد أن يعرف الدليل ويعرف الاستدلال، ويجيب عن أدلة المخالف إذا كان هناك مخالف.
فأنت أولاً: طالِبْه بما ذَكَرَ عن ابن القيم، ثم بعد ذلك الحكم في المسألة كما قلتُ لك؛ أي: أن هناك فرقاً بين الإخبار؛ أن فلاناً أفتى بكذا، وبين أن يفتي الإنسان على أنه مستقل بالفتوى، فهذا يكون مجتهداً حكمه حكم المجتهدين.